وأضرابهم من المنتسبين إلى الإسلام، فلا يكون العطف في قوله: وقدريّة، عطفَ انسحاب، وتكون للأشاعرة ثلاثة إخوة. وظاهر ۱ قوله عليه السلام : «وقدريّة هذه الاُمّة» أنّ لفظة القدريّة كانت في الأصل واقعة على المجوس نقلت إلى المفوّضة.
(إِنَّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى) . استئنافٌ لبيان بطلان مقالة الجبريّة أوّلاً؛ لأنّ أصل الكلام فيها، ثمّ بيان بطلان زعم المفوّضة، ثمّ بيان بطلان القدر المشترك بينهما.
(كَلَّفَ تَخْيِيرا، وَنَهى تَحْذِيرا، وَأَعْطى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيرا) .
هذه الفقرات الثلاث لبيان بطلان الجبر، والمراد بالتكليف الأمر، وبالتخيير تعيين الخير من الفعل والترك للقادر على كلّ منهما أنّه الفعل، فالتخيير يستحيل أن يكون مع عدم قدرة المأمور على الفعل أو على الترك، ويلزم من كلّ من مذاهب الجبر الثلاثةِ عدمُ تمكّن فاعل شيء من تركه، ولا تارك شيء من فعله.
والمراد بالتحذير تعيين المحذور من الفعل والترك للقادر على كلّ منهما أنّه الفعل، فلا يجامع الجبر؛ لما مرّ آنفا.
والمراد بإعطاء الكثير على القليل الوعد له عليه للترغيب في أعمال الخير للقادر على الخير والشرّ، فلا يجامع الجبر؛ لما مرَّ آنفا.
(وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوبا، وَلَمْ يُطَعْ مُكْرَها، وَلَمْ يُمَلِّكْ مُفَوِّضا) .
هذه الفقرات الثلاث لبيان بطلان زعم خصماء الرحمن والقدريّة المذكورين سابقا بتقريب إخوانهم.
اعلم أنّ التفويض في اللغة ردّ الأمر في شيء إلى أحد، وجعْله حاكما فيه، كما أنّ الوكل صرف الأمر في شيء إلى أحد، وجعله معتمدا عليه فيه، ۲ وفي اصطلاح المتكلّمين نوع من الإقدار، وهو إقدار اللّه تعالى العبد بحيث يخرج عن يده تعالى أزمّة المقدور في وقت هذا الإقدار. ۳