499
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

وأضرابهم من المنتسبين إلى الإسلام، فلا يكون العطف في قوله: وقدريّة، عطفَ انسحاب، وتكون للأشاعرة ثلاثة إخوة. وظاهر ۱ قوله عليه السلام : «وقدريّة هذه الاُمّة» أنّ لفظة القدريّة كانت في الأصل واقعة على المجوس نقلت إلى المفوّضة.
(إِنَّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى) . استئنافٌ لبيان بطلان مقالة الجبريّة أوّلاً؛ لأنّ أصل الكلام فيها، ثمّ بيان بطلان زعم المفوّضة، ثمّ بيان بطلان القدر المشترك بينهما.
(كَلَّفَ تَخْيِيرا، وَنَهى تَحْذِيرا، وَأَعْطى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيرا) .
هذه الفقرات الثلاث لبيان بطلان الجبر، والمراد بالتكليف الأمر، وبالتخيير تعيين الخير من الفعل والترك للقادر على كلّ منهما أنّه الفعل، فالتخيير يستحيل أن يكون مع عدم قدرة المأمور على الفعل أو على الترك، ويلزم من كلّ من مذاهب الجبر الثلاثةِ عدمُ تمكّن فاعل شيء من تركه، ولا تارك شيء من فعله.
والمراد بالتحذير تعيين المحذور من الفعل والترك للقادر على كلّ منهما أنّه الفعل، فلا يجامع الجبر؛ لما مرّ آنفا.
والمراد بإعطاء الكثير على القليل الوعد له عليه للترغيب في أعمال الخير للقادر على الخير والشرّ، فلا يجامع الجبر؛ لما مرَّ آنفا.
(وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوبا، وَلَمْ يُطَعْ مُكْرَها، وَلَمْ يُمَلِّكْ مُفَوِّضا) .
هذه الفقرات الثلاث لبيان بطلان زعم خصماء الرحمن والقدريّة المذكورين سابقا بتقريب إخوانهم.
اعلم أنّ التفويض في اللغة ردّ الأمر في شيء إلى أحد، وجعْله حاكما فيه، كما أنّ الوكل صرف الأمر في شيء إلى أحد، وجعله معتمدا عليه فيه، ۲ وفي اصطلاح المتكلّمين نوع من الإقدار، وهو إقدار اللّه تعالى العبد بحيث يخرج عن يده تعالى أزمّة المقدور في وقت هذا الإقدار. ۳

1.في «ج» : «فظاهر» .

2.النهاية ، ج ۳ ، ص ۴۷۹ ؛ لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۲۱۰ (فوض) .

3.المواقف ، ج ۳ ، ص ۲۲۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
498

المرجئة أنّ الإيمان المنجي عن الخلود في النار هو العلم بصدق جميع ما جاء به النبيّ، أو هو والإقرار باللسان، فلا يخرج العالم المقرّ به عن الإيمان، وإن فعل كلّ كبيرة وخرج عن الدنيا بلا توبة، فهما على طرفي الإفراط والتفريط.
والحقّ الأمر بين الأمرين في هذا أيضا، وهو أنّ الإيمان الطوع لجميع ما جاء به النبيّ صلى الله عليه و آله ، وعلامته سوء السيّئة وسرور الحسنة.
وقال الكشّي في ترجمة الزهّاد الثمانية: «والحسن كان يلقى كلّ أهل فرقة بما يهوون، وكان يتصنّع للرياسة وكان رئيس القدريّة» انتهى. ۱
والمتعصّبون للمعتزلة إن أجابوا عن البراهين على إبطال ما نسمّيه تفويضا، أو جوّزوا أن لا يكون التفويض بهذا المعنى مذهبا للمعتزلة، سامحناهم في التفسير، وإلّا قلنا: المعتزلة قدريّة مرّتين؛ لقولهم بكلا فردي التفويض، كما سيظهر بُعيد هذا.
قيل: المراد أنّ القول بأنّ كون الحوادث بقدر اللّه وقضائه يستلزم أن يكون العباد مجبورين مقالة طائفتين: إحداهما: الأشاعرة، والاُخرى: المعتزلة، ثمّ قيل: القدريّة والأشاعرة زعموا أنّ القدر والقضاء لا يكونان إلّا بطريق الإلجاء، فنفاهما المعتزلة، وأثبتهما الأشاعرة. انتهى.
وهذا مبنيّ على أنّ الأوصاف الأربعة أو بعضها معطوفة على «إخوان»، وليست أوصافا للجبريّة، فاحتيج إلى هذا التأويل، ووجه كون المفوّضة حزب الشيطان أنّهم قالوا كالمجوس: إنّ الشيطان مستقلّ بالقدرة على فعله، وفعله مفوّض إليه، وقد يقع ما شاء شيطان دون ما شاء اللّه . ۲ وقد وضعت المجوس حكايات في أنّه وقع الحرب بين اللّه والشيطان. ۳
ويحتمل أن يكون الأوّلان من الأوصاف الأربعة للمجوس، والأخيران للمعتزلة

1.اختيار معرفة الرجال ، ج ۱ ، ص ۳۱۵ ، ح ۱۵۴ .

2.اُنظر المواقف للايجي ، ج ۳ ، ص ۶۵ ؛ مجمع البيان ، ج ۴ ، ص ۱۲۵ ؛ معارج الفهم ، ص ۳۷۹ .

3.حكى ذلك العلّامة في معارج الفهم ، ص ۳۷۹ . وفي الملخّص في اُصول الدين ، ص ۲۸۹ إشارات إلى ذاك .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 80352
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي