وتعالى ـ لم يجبر عباده على المعاصي، ولم يفوّض إليهم أمر الدين حتّى يقولوا فيه بآرائهم ومقاييسهم، فإنّه عزّ وجلّ قد حدّ ووظّف وشرع وفرض وسنّ وأكمل لهم الدين، فلا تفويض مع التحديد والتوظيف والشرع والفرض والسنّة وإكمال الدين . انتهى . ۱
الرابع عشر : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : اللّهُ أَكْرَمُ) ؛ من الكرم، نقيض اللؤم والنقص .
(مِنْ أَنْ يُكَلِّفَ النَّاسَ مَا لَا يُطِيقُونَ) أي لا يقدرون عليه . يُقال: طاقه طوقا وأطاقه، وعليه، والاسم الطاقة. وقد تُطلق على غير هذا المعنى، كما يجيء في «كتاب الجهاد» في «باب كراهة التعرّض لما لا يطيق» . ۲
وهذا لإبطال مذاهب الجبريّة، فإنّ مذهبهم إمّا عدم القدرة، وإمّا مستلزم لعدم القدرة، كما مرّ في ثامن الباب .
(وَاللّهُ أَعَزُّ) ؛ من العزّ بمعنى القدرة والغلبة .
(مِنْ أَنْ يَكُونَ) ؛ تامّة .
(فِي سُلْطَانِهِ) ؛ مصدر بمعنى سلطنته ، أي ملكه وغلبته .
(مَا لَا يُرِيدُ) . المراد بالإرادة هنا ما مرّ في بيانها في الخصال السبع في أوّل الخامس والعشرين ، ۳ أو الأعمّ من الخصال الأربع الاُول منها؛ فتكون هذه الفقرة ردّا على المفوّضة في الفرد الأوّل من التفويض .
ويحتمل أن يكون المراد بالإرادة أعمّ ممّا ذكر ومن الإذن، فتكون ردّا على المفوّضة في كلا فردي التفويض . وسيجيء تفصيل بيان منافاتهما لسلطان اللّه تعالى وعزّه في شرح ثاني «باب الاستطاعة ».
ويحتمل أن يُراد ب«ما لا يريد» ما يريد عدمه، ولا يمكن هذا إلّا بحمل الإرادة على