الباب الحادي والثلاثون : بَابُ الِاسْتِطَاعَةِ
فيه أربعة أحاديث ، الثلاثة الاُول منها لإبطال التفويض كلا فرديه ، ورابعها لإبطال الجبر أوّلاً، ثمّ إبطال التفويض الأوّل ثانيا ، ومعنى التفويض الأوّل ثانيا، ومعنى التفويض القدر المشترك بين إقدارين :
الأوّل: إقدار اللّه تعالى العبدَ على شيء، بحيث لا يكون تعالى قادرا على صرف العبد عن ذلك الشيء مع هذا الإقدار ـ أي بغير القسر والإلجاء ـ فيلزمه أن يصدر عن العبد وإن شاء اللّه أن لا يصدر .
الثاني: إقدار اللّه تعالى العبد في وقت على شيء في ثاني الوقت، ويلزمه أن يكون العبد مستقلّاً في القدرة لا يتوقّف فعله على إذن من اللّه . وقد ذهبت المعتزلة إلى كلّ من الفردين، فهم مفوّضة مرّتين.
والاستطاعة سعة قدرة من ليست قدرته بمحض نفوذ الإرادة وقول «كُن» فتتعلّق ببعض دون بعض ، وقول الحواريّين: «هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئدَةً مِّنَ السَّمَآءِ»۱ صدر عنهم، ولم يكونوا بعدُ على تحقيق واستحكام معرفة ، وقد عاتبهم عيسى عليه السلام «قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» . ۲
وهي على معنيين :
الأوّل : سعة قدرة المخلوق مطلقا، والقدرة: التمكّن من شيء، وهو مفهوم بديهيّ