525
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

(فَيَمْتَنِعَ كَمَا امْتَنَعَ يُوسُفُ عليه السلام ) أي مع قدرته على الزنى لا يستطيع للزنى؛ لأنّه تعلّقت بمنافيه مشيّة من لا يكون إلّا ما شاء. والتشبيه إنّما هو في أصل الامتناع من الزنى، لا في سبق العزم أيضا .
(أَوْ يُخَلَّي) ؛ بصيغة مجهول باب التفعيل .
(بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِرَادَتِهِ) . الظرف قائم مقام الفاعل، ويجوز نصبه؛ لأنّه لازم الظرفيّة، ويجوز الرفع أيضا .
(فَيَزْنِيَ ) . هذا صورة اجتماع الثلاث مع الرابعة، وهي صورة تحقّق الاستطاعة . والمراد بالتخلية عدم العصمة ؛ أي عدم مشيّة الترك، وليس المراد بالتخلية هنا الإذنَ، إلّا أن يعمّم الإذن بحيث يشمل الخمس الاُول من الخصال السبع .
(فَيُسْمى۱زَانِيا) ؛ بصيغة مجهول باب نصر أو باب الإفعال أو التفعيل . والسمو بالفتح والإسماء والتسمية: جعل الشيء ذا علامة الزاني ۲ من الحدّ وردّ شهادته ونحوهما . والمقصود أنّ الزنى فعله الاختياري، لا فعل اللّه ولا بجبره .
(وَلَمْ يُطِعِ اللّهَ بِإِكْرَاهٍ) . ناظرٌ إلى قوله : «فإمّا أن يعصم» وفاعل الإكراه العبد . ومضى معناه في أوّل «باب الجبر والقدر» وكذا معنى قوله :
(وَلَمْ يَعْصِهِ بِغَلَبَةٍ) . ناظرٌ إلى قوله : «أو يخلّى» . فالنشر على ترتيب اللفّ .
الثاني : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ وَعَبْدِ اللّهِ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعا ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ) بالمعنى الثاني الذي مضى بيانه في شرح عنوان الباب.
سؤاله عن أنّ الاستطاعة بأيّ شيء تحصل في العبد؟ وأنّه هل تحصل الاستطاعة لفعل أو ترك مجامعةً لعدم ذلك الفعل أو الترك أم لا؟ ولمّا كان اجتماع الاستطاعة مع

1.في الكافي المطبوع : «فيُسَمّى» بتشديد الميم .

2.في «ج» : + «أي يوضع علامة الزاني» .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
524

كالمقطوع الذكر في مثال الزنى أو العنّين، أو نحو ذلك ، فإنّها لا ينافي الصحّة في البدن . الرابعة : أن يكون: (لَهُ سَبَبٌ وَارِدٌ مِنَ اللّهِ) . المراد بالسبب إذنه تعالى بالمعنى الذي مضى بيانه في شرح أوّل الخامس والعشرين، ومشيّته مشيّة عزم، وهي القدر المشترك بين الخصال الأربع الاُول من الخصال السبع التي مضى بيانها أيضا في شرح أوّل الخامس والعشرين .
(قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَسِّرْ لِي) أي أوضح لي في مثال (هذَا) أي عدم تحقّق الاستطاعة بدون سبب وارد من اللّه مع تحقّق الثلاث .
(قَالَ : أَنْ يَكُونَ) أي مثاله أن يكون (الْعَبْدُ مُخَلَّى السِّرْبِ ، صَحِيحَ الْجِسْمِ ، سَلِيمَ الْجَوَارِحِ يُرِيدُ أَنْ يَزْنِيَ) . أي يعزم في الحال على أن يزني في ثاني الحال عزما بلا فتور .
(فَلَا يَجِدُ) أي في ثاني الحال (امْرَأَةً) . مثالٌ لتخلّف الإذن عن الثلاث، وبيان لأنّ العبد حينئذٍ ليس قادرا أصلاً، فضلاً عن أن يكون مستطيعا .
وهذا ردّ للفرد الثاني من تفويضي المعتزلة، ولمذهب من يقول: الاستطاعة والقدرة نفس سلامة الجوارح، كبشر بن المعتمر ۱ من المعتزلة؛ ولمذهب من يقول: إنّهما الصحّة، ولنحو ذلك من المذاهب . ۲(ثُمَّ يَجِدُهَا) أي وبعد ذلك نفرض أنّه يجدها .
(فَإِمَّا أَنْ) . هذا إلى آخره إبطال للفرد الأوّل من تفويضي المعتزلة .
(يُعْصَمَ نَفْسُهُ) ؛ بصيغة مجهول باب ضرب ، والعاصم هو اللّه بمشيّته لتركه الزنى مشيّة عزم.
ومشيّة اللّه لترك عبدٍ المعصيةَ تسمّى «عصمةً» كما تسمّى مشيّته تعالى لفعل الطاعة «توفيقا» .

1.هو أبو سهل الكوفي ثمّ البغدادي ، شيخ المعتزلة . كان يقع في أبي الهذيل العلاف وينسبه إلى النفاق . وله كتاب تأويل المتشابه وكتاب الردّ على الجهّال . مات سنة عشرين ومائيتن . سير أعلام النبلاء ، ج ۱۰ ، ص ۲۰۳ .

2.اُنظر المواقف ، ج ۲ ، ص ۱۲۱ ؛ تلخيص المحصّل ، ص ۴۷۷ ؛ شرح العقائد النسفية ، ج ۱ ، ص ۱۲۰ ؛ أنوار الملكوت ، ص ۱۴۰ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 83972
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي