527
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

ويجيء تفسير وقت الفعل والترك بُعيد هذا .
(قَالَ : لَا أَدْرِي) . أظهر السائل أنّ مقصوده محض استعلام الحقّ، وليس في ذهنه اعتقاد الباطل .
(قَالَ : فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنَّ اللّهَ خَلَقَ خَلْقا) أي مخلوقين. ولم يجمع؛ لأنّ أصله المصدر .
(فَجَعَلَ فِيهِمْ) أي قبل وقت الفعل وفي وقت الفعل .
(آلَةَ الِاسْتِطَاعَةِ)۱ أي ما قد يفضي إلى الاستطاعة لفعل مثلاً، ويظنّ معه حصول الاستطاعة بعده من الاُمور التي يتوقّف عليها الاستطاعة، وهي تخلية السرب وصحّة الجسم وسلامة الجوارح ونحو ذلك على حسب الأفعال المستطاع لها .
(ثُمَّ) . للتعجّب أو لتراخي الفعل المكلّف به عن حصول الآلة بزمان .
(لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِمْ) أي لم يفوّض الفعل إليهم بشيء من فردي التفويض. ومرَّ بيانهما في شرح عنوان الباب .
(فَهُمْ) . الفاء للتفريع .
(مُسْتَطِيعُونَ) ؛ بالمعنى الثاني للاستطاعة .
(لِلْفِعْلِ) . ذكره على سبيل المثال ، فكذا الترك . والمراد توضيح المطلب في مجموع فعل مستمرّ ذي أجزاء كالصلاة والزنى ويُعرف حكم غيره منه .
(وَقْتَ الْفِعْلِ مَعَ الْفِعْلِ إِذَا فَعَلُوا ذلِكَ الْفِعْلَ۲) .
بيّن عليه السلام أنّه لا تتحقّق الاستطاعة بالمعنى الثاني لفعل ذي أجزاء مترتّبة في الزمان كالصلاة إلّا مع ثلاثة اُمور :
الأوّل : أن يكون في وقت الفعل لا قبله أو بعده ، والمراد بوقت الفعل الوقت الذي اعتبرت نسبة الاستطاعة إليه باعتبار وقوعه فيه، سواء كان الفعل واقعا فيه أم لا .

1.في «ج» : + «بعد» .

2.في المخطوطتين : - «ذلك الفعل» .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
526

عدم المستطاع له يتصوّر في بادئ الرأي على ثلاثة وجوه ، سأل عليه السلام عن واحد واحد .
(فَقَالَ أَبو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : أَ تَسْتَطِيعُ) أي في وقت (أَنْ) أي لأن (تَعْمَلَ) أي في ذلك الوقت (مَا لَمْ يُكَوَّنْ؟) ؛ بصيغة ۱ مجهول غائب باب التفعيل ؛ أي ما لم يوجد قبل ذلك الوقت .
والمعنى: أتستطيع في وقت أن توقع في ذلك الوقت ما لم يقع قبل ذلك الوقت في ذلك القبل . ويحتمل هنا أن يكون «لم يكون» بصيغة معلوم الحاضر، لكن لا يناسب ما بعده .
(قَالَ : لَا) . الأنسب بظاهر سياق السابق أن يقول : قلت: لا ، وقس عليه نظائره الآتية . فهذا من قبيل الالتفات من التكلّم إلى الغيبة، أو عبارة عليّ بن الحكم وعبداللّه بن يزيد، أو من قبيل تغليب حال الحكاية على حال المحكيّ، نظير ما يجيء في «كتاب الصلاة» في ثاني الأوّل: «نادى إبليس: يا ويله» ۲ أقرّ ببطلان استطاعته لفعل بعد زمانه .
(قَالَ : فَتَسْتَطِيعُ) أي أفتستطيع في وقت (أَنْ تَنْتَهِيَ) أي في ذلك الوقت (عَمَّا قَدْ كُوِّنَ؟) ؛ بصيغة ۳ مجهول باب التفعيل ، أي وجد قبل ذلك الوقت .
والمعنى: أتستطيع في وقت أن تسلب في ذلك الوقت ما وجد قبله من ذلك القبل. وإنّما لم يقل بدل «أن تنتهي»: «أن لا تعمل» لأنّ السلب المحض ليس من فعل العبد، ولو كان من فعله لكان مستطاعا له؛ لاستحالة ارتفاع النقيضين . والفاء للتعقيب .
(قَالَ : لَا) . هذا النفي بديهيّ ومتّفق عليه؛ لبداهة أنّ القدرة على الماضي محال، فضلاً عن الاستطاعة له؛ فالسؤال لحصر الأقسام .
(قَالَ : فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : فَمَتى أَنْتَ مُسْتَطِيعٌ؟ ) . بعد ما أقرّ بأنّه لا تتحقّق الاستطاعة لفعل أو ترك بعد وقتهما، سأل عليه السلام عن وقت الاستطاعة: أهو وقت الفعل أو الترك أو قبل وقتهما ؟

1.في «ج» : - «بصيغة» .

2.الكافي ، ج ۳ ، ص ۲۶۴ ، باب فضل الصلاة ، ح ۲ . وفيه: «يا ويلاه» بدل «ياويله» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 83970
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي