النقص في الملك وفي التصرّف في بعض الممكنات في أنفسها نقص في الجملة وإن كانت الوسيلة ممتنعة في نفسها .
الدليل الثالث : أنّه يستلزم أن يكون اللّه تعالى معزولاً عن أن يطلب منه التوفيق أو العصمة أو اللطف أو الإعاذة من شرّ الشيطان ونحو ذلك؛ لأنّ جميع ذلك طلب لما يقدر عليه، أو لما يجب عليه بدون طلب أيضا، فيكون الطلب طلبا ۱ لمحال، أو لغوا وتحصيلاً للحاصل بدون هذا التحصيل؛ وهذا نقص في الملك، وقد مرَّ آنفا امتناعه .
الدليل الرابع : أنّه يستلزم أن يكون معزولاً عن أن يتوكّل عليه في كلّ الاُمور، وعن أن يطلب منه النصر على العدوّ في الحرب ونحو ذلك، فإنّه ربّما كان عاجزا عن النصر ونحوه بعد إقدار كلّ من المتحاربين على ما أقدر «وَمَا النَّصْرُ إِلَا مِنْ عِندِ اللَّهِ» . ۲
الدليل الخامس : ما في الكتاب والسنّة ممّا يدلّ على أنّ هذا التفويض ينافي ملكوته تعالى، وهو مشتمل على أدلّة لا تحصى، كما ورد في الشرع من الدعاء وطلب التوفيق ونحوه من الاُمور المذكورة آنفا، والقول بأنّ جميع ذلك خارج عن حقيقة الطلب والدعاء مكابرة، وكذا ورد الأمر بالتوكّل في كلّ الاُمور عليه تعالى وتفويض كلّها إليه .
والآيات القرآنيّة في الردّ على التفويض الأوّل أكثر من أن تحصى كما في سورة الأنعام والرعد والزمر والمؤمن: «خَالِقُ كُلِّ شَىْ ءٍ»۳ وفي سورة المؤمنين: «قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْ ءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»۴ ، وفي سورة يس : «فَسُبْحَانَ الَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْ ءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»۵ ، وفي سورة المدّثّر : «فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّهُ»۶ ، وفي سورة الأنعام : «وَلَوْ شَاءَ اللّهُ مَا أَشْرَكُوا»۷ ، وفي سورة