الفلاسفة، وعند المسلمين أنّه يستحيل أن لا يكون الفاعل مختارا ، وقد دللنا عليه بدليلين في حاشية العدّة في المقدّمة الثانية في ذيل الشكّ الرابع من اُولى الحواشي ، ۱ ولأنّه حينئذٍ لا يسمّى إيمانا ولا هدى.
وإن أراد بالإلجاء أن يصدر عن العبد باختياره لكن مع لطف يقوّي الدواعي بحيث يكون شبيها بما لا اختيار فيه، فهذا ينافي مذهبه في وجوب كلّ لطف ناجع على اللّه ، ويوافق مذهبنا، فيجعل النزاع لفظيّا .
وإن أراد بالإلجاء أن يكون الإيمان فعل اللّه وغير صادر عن العبد أصلاً، فإن كان بناؤه على أنّ المؤمن هو العبد لأنّه كاسب، فهذا ينافي مذهبه في أفعال العباد، وينافي مذهبنا أيضا ، وإن كان بناؤه على أنّ المؤمن هو اللّه ، كان سفسطةً .
واعلم أنّ الباعث للمعتزلة وأتباعهم على القول بهذا الفرد من التفويض شُبَهٌ:
الشبهة الاُولى: قولهم بوجوب كلّ لطف ناجع على اللّه ، ومعنى اللطف المقرّب للطاعة أو المبعّد عن المعصية بدون إلجاء .
وتحرير محلّ النزاع أنّ اللطف على ثلاثة أقسام :
الأوّل : ما لا يزاح علّة المكلّف إلّا به بالاتّفاق، كالإقدار وإرسال الرسل مبشّرين بمن بعدهم من أوصيائهم العالمين بجميع الأحكام ومتشابهات كتب اللّه ، ومنذرين على مخالفة الأوصياء إلى رسول آخر وانقراض الدنيا ونحو ذلك .
ولا خلاف في وجوبه على اللّه بالنسبة إلى المكلّفين .
الثاني : ما يزاح علّة المكلّف بدونه وهو غير ناجع ؛ أي علم اللّه تعالى أنّه لا ينفع ولا يؤثّر في المكلّف.
ولا خلاف لأحدٍ في عدم وجوبه على اللّه .
الثالث : ما يزاح علّة المكلّف بدونه وهو ناجع.
والخلاف بيننا وبين المعتزلة في وجوب القسم الثالث، وهو على قسمين ؛ فإنّه إمّا