545
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

وجوبها، فلم يكن التارك للسلوك الواجِدُ للزاد والراحلة وغيرهما آثما .
والجواب : أنّ معنى وجوب الأفعال المعهودة في شهر رمضان ما يساوق العلم فيه بتعلّق التكليف الظاهري فيه بفعلها في ذي الحجّة، وحينئذٍ قولكم: «لو لم تكن الأفعال المعهودة مقدورة في شهر رمضان لم تكن واجبة فيه» ممنوع.
وإن أردتم بوجوب الأفعال المعهودة معنى آخر، فلا ، نسلِّم أنّ المقدّمة، إنّما تجب بتبعيّة وجوبها بالمعنى الذي أردتم .
السابعة : أنّه لو لم تكن القدرة إلّا في وقت الفعل، لم يكن الكافر المستمرّ على كفره إلى آخر عمره قادرا على الإيمان، فلا يكون مكلّفا .
والجواب : أنّه لا يثبت مطلوبكم المتنازع فيه هنا؛ إنّما يثبت أنّ القدرة تتحقّق مع ترك المقدور، ومرادنا بوقت الفعل ما اعتبرت نسبة القدرة إلى الفعل باعتبار وقوعه فيه، سواء كان الفعل واقعا فيه أم لا .
(قَالَ الْبَصْرِيُّ : فَالنَّاسُ مَجْبُورُونَ؟) . توهّم من نفي تعلّق الاستطاعة بكلّ من الفعل والترك لزومَ نفي تعلّق القدرة بكلّ منهما، فتوهّم الجبر لخفاء الواسطة .
(قَالَ : لَوْ كَانُوا مَجْبُورِينَ ، كَانُوا مَعْذُورِينَ) . نفى عليه السلام الجبر، وذكر عليه دليلاً بأنّه يلزم أن لا يكون للّه تعالى الحجّة البالغة على العُصاة .
(قَالَ : فَفَوَّضَ إِلَيْهِمْ؟) . توهّم أنّه لا واسطة، فلو لم يكونوا مجبورين كانوا مفوّضا إليهم، فسأل عن ذلك .
(قَالَ : «لَا») . أجاب عليه السلام بنفي التفويض أيضا، ولم يذكر عليه دليلاً اكتفاءً بما مرّ من قوله : «لأنّ اللّه عزّ وجلّ أعزّ» إلى آخره ، فعرّفه أنّ الواسطة هي الحقّ .
(قَالَ : فَمَا هُمْ؟) أي إذا لم يكونوا مجبورين ولا مفوّضا إليهم، فما الذي هم عليه من المنزلة الثالثة لهما ؟
ويحتمل أن يكون المراد أنّهم إذا لم يكونوا مفوّضا إليهم، فما الذي هم عليه حتّى لا يلزم جبر ؟


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
544

والجواب: أنّ المتنازع فيه قدرة العبد .
الرابعة : ما ذكرنا عند قوله : «أفتستطيع أن تنتهي عمّا قد كُوّنَ؟ قال : لا ».
والجواب : ما ذكرنا أيضا عنده .
الخامسة : أنّ استطاعة الحجّ تتقدّم على وقت الحجّ؛ لقوله تعالى : «وَللّهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» ، ۱ فالمكلّف مستطيع في شهر رمضان ـ مثلاً ـ لأفعال الحجّ .
والجواب : أنّ المستطاع هنا السبيل إلى حجّ البيت، وهو الزاد والراحلة ـ مثلاً ـ أو أنّ الاستطاعة هنا مستعملة مجازا في آلة الاستطاعة، كما مضى في شرح عنوان الباب؛ فلا ينافي التوقّف على الإذن ، وسيجيء في «كتاب الحجّ» في خامس «باب استطاعة الحجّ» استدلالُ قدريّ بهذه الآية ، وجوابُ أبي عبداللّه عليه السلام عنه بقوله : «ويحك إنّما يعني بالاستطاعة الزاد والراحلة ليس استطاعة البدن » انتهى . ۲ وهو محتمل للوجهين .
ويمكن الجواب أيضا بأنّ الحجّ لغةً القصد، ۳ فيجوز أن يكون هو المراد هنا ، فالمعنى: للّه على الناس قصد البيت من استطاع متوجّها إليه سلوك سبيل ؛ فالاستطاعة متعلّقة بسلوك السبيل، لا بالأفعال المعهودة، فهي غير متقدّمة على وقت المستطاع له، وهو السلوك المحقّق للقصد، فإنّ السلوك كما يُطلق على الحركة بمعنى القطع ـ أي المجموع المركّب المنطبق على مجموع المسافة ـ يُطلق على الحركة بمعنى التوسّط الحاصلة في كلّ حدّ من حدود المسافة، والاستطاعة للاُولى في مجموع الوقت وجزءٍ منها متحقّق في أوّل الوقت ، والاستطاعة للثانية حاصلةٍ في أوّل الوقت، وفي كلّ جزء بعده .
السادسة : أنّه لو لم تكن الأفعال المعهودة في الحجّ مقدورة في شهر رمضان ـ مثلاً ـ لم تكن واجبة فيه، فلم تجب فيه مقدّمتها، وهي السلوك؛ لأنّ المقدّمة إنّما تجب بتبعيّة

1.آل عمران (۳) : ۹۷ .

2.الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۶۸ ، ح ۵ .

3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۰۳ ؛ معجم مقاييس اللغة ، ج ۲ ، ص ۲۹ (حج) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 67350
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي