مقالات قدريّة البصرة كالحسن البصري وأصحابه، وقولهم: إنّا قبل وقت الفعل نستطيع أن نعمل كذا ونستطيع أن لا نعمل ، وسمع شبههم، وعرف من هذا البيان أنّه ليس على مجرى العادة في أفكار المتكلّمين من عند أنفسهم، بل هو مستندٌ إلى سرّ مستودَع من مشكاة النبوّة والرسالة، وأنّه بيان للحقّ الذي لا يعلمه إلّا العالم أو من علّمه إيّاه العالم، كما مضى في عاشر «باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين».
وفيه دلالة على أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام هم سفينة النجاة
فاُقسم لولا أنّكم سبل الهدىلضلّ الورى عن لاحب۱النهج ظاهر۲
وقال صاحب كتاب الجواهر من المعتزلة :
قيل : إنّ الحسن البصري كتب إلى الإمام الحسن بن عليّ عليهماالسلام: من الحسن البصري إلى الحسن بن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أمّا بعد، فإنّكم معاشرَ بني هاشم الفلك الجارية في اللجج الغامرة، مصابيح الدجى، وأعلام الهدى، والأئمّة القادة، الذين مَن تبعهم نجا، والسفينة التي تؤول إليها المؤمنون، وتنجو فيها المتمسّكون، قد كثر يابن رسول اللّه عندنا الكلام في القدر، واختلافنا في الاستطاعة، فتُعلمنا ما ترى عليه رأيك ورأي آبائك، فإنّكم ذرّيّةٌ بعضها من بعض، من عِلم اللّه علِمتُم، وهو الشاهد عليكم وأنتم الشهداء على الناس؛ والسلام .
فأجابه الحسن بن عليّ عليهماالسلام : «من الحسن بن عليّ إلى الحسن البصري: أمّا بعد، فقد انتهى إليَّ كتابك عند حيرتك وحيرة مَن زعمت من اُمّتنا، وكيف ترجعون إلينا وأنتم بالقول دون العمل ، واعلم أنّه لولا ما تناهى إليَّ من حيرتك وحيرة الاُمّة من قِبلك، لأمسكتُ عن الجواب، ولكنّي الناصح بن الناصح الأمين، والذي أنا عليه أنّه من لم يؤمن بالقدر خيره وشرّه فقد كفر، ومن حمل المعاصي على اللّه عزّ وجلّ فقد فجر، إنّ اللّه سبحانه لا يُطاع بإكراه، ولا يُعصى بغلبة، ولا أهمل العباد من الملكة، ولكنّه عزّ وجلّ المالك لما ملّكهم، والقادر على ما عليه أقدرهم، فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن اللّه عزّ وجلّ لهم صادّا، ولا عنها مانعا ، وإن ائتمروا بالمعصية، فشاء سبحانه أن يمنَّ عليهم،