549
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

وفيه إشارة إلى الجواب عن شبهةٍ ومعارضةٍ وهميّة تعتري القدريّة، وهي أنّ القدرة تتقدّم على وقت الفعل؛ لأنّا نعلم فيمن صلّى الظهر في آخر وقته بدون عذر أنّه لا تزول عنه من أوّل وقت الظهر إلى المغرب القدرةُ على صلاة الظهر في آخر الوقت .
والجواب: أنّ القدرة أمرٌ اعتباري ليس لها فرد حقيقي موجود في الخارج، إنّما لها الحصص، وحصصها غير متناهية متعدّدة بتعدّد المقدورات والأوقات، فيزول بعضها ويحدث آخر، والشبهة إنّما حصلت بخلط بعضها ببعض .
(قَالَ : قُلْتُ : وَمَا هِيَ؟) أي وما الاستطاعة التي أحدثها فيهم حين الفعل، ولم تتعلّق بالترك ؟
(قَالَ : الْالَةُ) . هي ما ذكره في ثاني الباب بقوله : «فجعل فيهم آلة الفعل» أي الأمر الذي علم اللّه تعالى أنّه مفض إلى الفعل بدون وجوب سابق .
والظاهر أنّ في حمل الآلة على الاستطاعة مسامحةً، وأنّ الاستطاعة مترتّبة على الآلة .
(مِثْلُ الزَّنِيِّ۱) ؛ بفتح الزاي وكسر النون وشدّ الخاتمة، فعيل بمعنى فاعل . وفي بعض النسخ: «الزاني» بألف وتخفيف الخاتمة، بيان مثال لقوله : «إذا فعلوا الفعل» إلى آخره ، وليس مثالاً لتفسير الاستطاعة .
(إِذَا زَنى) . استئناف لبيان قوله: «مثل الزَّنيّ ».
(كَانَ مُسْتَطِيعا لِلزِّنى) أي لا لتركه .
(حِينَ الزنى۲:) أي لم تتحقّق الاستطاعة قبل هذا الحين متعلّقةً بهذا الحين .
(وَلَوْ أَنَّهُ) . الضمير للزنى؛ لأنّ «لو» تبدّل المثبت منفيّا، والمنفيّ مثبتا .
(تَرَكَ الزِّنى) أي في مجموع الوقت الذي زنى فيه .
(وَلَمْ يَزْنِ) أي أصلاً، لا في مجموع هذا الوقت، ولا في جزئه .

1.في الكافي المطبوع : «الزاني» .

2.في الكافي المطبوع : «زَنى» .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
548

فيحُول بينهم وبينها فعل، وإن لم يفعل فليس هو حَمَلهم عليها إجبارا، ولا ألزمهم بها إكراها، بل احتجاجه جلّ ذكره عليهم أن عرّفهم، وجعل لهم السبيل إلى فعل ما دعاهم إليه، وترك ما نهاهم عنه، وللّه الحجّة البالغة، والسلام » انتهى . ۱
وهذا المقام من مزالّ الأقدام، فقد قيل: هذا الحديث والذي بعده ليس موافقا للحقّ، فهو من باب التقيّة . انتهى . ۲ يعني حديثي البصري والنيلي .
الثالث : (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ صَالِحٍ النِّيلِيِّ) ؛ بكسر النون وسكون الخاتمة، منسوبٌ إلى قرية بالكوفة، أو بلد بين واسط وبغداد . ۳(قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : هَلْ لِلْعِبَادِ) أي قبل وقت الفعل والترك . ويحتمل أن يكون مراده الأعمّ منه ومن وقتهما .
(مِنَ الِاسْتِطَاعَةِ شَيْءٌ؟) أي قليل أو كثير بأن تكون الاستطاعة مقولة بالتشكيك .
(قَالَ : فَقَالَ لِي : إِذَا فَعَلُوا الْفِعْلَ ، كَانُوا مُسْتَطِيعِينَ) . فيه جواب عن سؤاله بأنّه ليس قبل وقت الفعل والترك استطاعة، وزيادة على جواب السؤال؛ حيث بيّن أنّها في وقت الفعل والترك لا تتعلّق بكليهما . ويحتمل أن لا تكون زيادة .
(بِالِاسْتِطَاعَةِ) . الباء فيه كالباء في قولنا: زيد شريف بالشرف الكثير، وأصلها السببيّة، كان مبدأ الاشتقاق علّة لصدق المشتقّ . ويحتمل الملابسة باعتبار التغاير الاعتباري، ومن نظائر هذه ما في قولهم: ماهيّة الشيء ما به الشيء هو هو .
(الَّتِي جَعَلَهَا اللّهُ فِيهِمْ) أي أحدثها فيهم حين الفعل .

1.رواه الكراجكى في كنز الفوائد ، ص ۱۷۰ ؛ ورواه ابن شعبة الحرّاني في تحف العقول ، ص ۲۳۱ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۵ ، ص ۴۰ .

2.في حاشية «أ» : «القائل هو مولانا محمّد أمين الإسترابادي في حواشى الكافي (منه)» .

3.معجم البلدان ، ج ۵ ، ص ۳۴۸ (واسط) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 67343
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي