وفيه إشارة إلى الجواب عن شبهةٍ ومعارضةٍ وهميّة تعتري القدريّة، وهي أنّ القدرة تتقدّم على وقت الفعل؛ لأنّا نعلم فيمن صلّى الظهر في آخر وقته بدون عذر أنّه لا تزول عنه من أوّل وقت الظهر إلى المغرب القدرةُ على صلاة الظهر في آخر الوقت .
والجواب: أنّ القدرة أمرٌ اعتباري ليس لها فرد حقيقي موجود في الخارج، إنّما لها الحصص، وحصصها غير متناهية متعدّدة بتعدّد المقدورات والأوقات، فيزول بعضها ويحدث آخر، والشبهة إنّما حصلت بخلط بعضها ببعض .
(قَالَ : قُلْتُ : وَمَا هِيَ؟) أي وما الاستطاعة التي أحدثها فيهم حين الفعل، ولم تتعلّق بالترك ؟
(قَالَ : الْالَةُ) . هي ما ذكره في ثاني الباب بقوله : «فجعل فيهم آلة الفعل» أي الأمر الذي علم اللّه تعالى أنّه مفض إلى الفعل بدون وجوب سابق .
والظاهر أنّ في حمل الآلة على الاستطاعة مسامحةً، وأنّ الاستطاعة مترتّبة على الآلة .
(مِثْلُ الزَّنِيِّ۱) ؛ بفتح الزاي وكسر النون وشدّ الخاتمة، فعيل بمعنى فاعل . وفي بعض النسخ: «الزاني» بألف وتخفيف الخاتمة، بيان مثال لقوله : «إذا فعلوا الفعل» إلى آخره ، وليس مثالاً لتفسير الاستطاعة .
(إِذَا زَنى) . استئناف لبيان قوله: «مثل الزَّنيّ ».
(كَانَ مُسْتَطِيعا لِلزِّنى) أي لا لتركه .
(حِينَ الزنى۲:) أي لم تتحقّق الاستطاعة قبل هذا الحين متعلّقةً بهذا الحين .
(وَلَوْ أَنَّهُ) . الضمير للزنى؛ لأنّ «لو» تبدّل المثبت منفيّا، والمنفيّ مثبتا .
(تَرَكَ الزِّنى) أي في مجموع الوقت الذي زنى فيه .
(وَلَمْ يَزْنِ) أي أصلاً، لا في مجموع هذا الوقت، ولا في جزئه .