الترك، أي العلّة التامّة للفعل، والعلّة التامّة للترك، وهي مساوقة للقدرة ؛ يُقال: ركّب الفصّ في الخاتم تركيبا: إذا جعله فيه ، وحمله عليه .
(إِنَّ) ؛ بكسر الهمزة استئنافٌ لبيان عدم المانع .
(اللّهَ لَمْ يَجْبُرْ أَحَدا عَلى مَعْصِيَتِهِ) ، بصيغة معلوم باب نصر، أو باب الإفعال، وهذا لدفع توهّم مذهب جهم والأشاعرة، وهو أنّ فاعل أفعالنا هو اللّه تعالى . ۱(وَلَا أَرَادَ إِرَادَةَ حَتْمٍ) ؛ بفتح المهملة، وسكون المثنّاة فوق .
(الْكُفْرَ مِنْ أَحَدٍ) . هذا لدفع توهّم مذهب أبي الحسين البصري تبعا للفلاسفة، وهو أنّ أفعالنا صادرة عنّا، لكن يجب صدورها عنّا وجوبا سابقا؛ لاستحالة تخلّف المعلول عن العلّة التامّة . ۲
والمراد بإرادة الحتم ما لا يكون معه سبيل للعبد إلى غير ما أراد اللّه ، بأن لا يكون مستجمعا لعلّته التامّة، لا حقيقة ولا حكما .
والسرّ في أنّ العبد غير مجبور على ما أراده اللّه تعالى إرادة عزم لا حتم أنّ تحقّق المانع العلمي عن شيء لا ينافي ارتفاع جميع الموانع العقليّة، ولا حصول جميع الشرائط والاُمور المحتاج إليها عقلاً ؛ وبالجملة لا ينافي تحقّق علّته التامّة .
(وَلكِنْ حِينَ كَفَرَ) أي لمّا كفر باختياره بدون جبر .
(كَانَ فِي إِرَادَةِ اللّهِ أَنْ يَكْفُرَ) ؛ يعني أنّ إرادة اللّه الكفر من أحد تابع لكفره، وإن كان الكفر تابعا لإرادة اللّه من حيثيّة اُخرى .
وتوضيح ذلك: أنّ المراد هنا بإرادة اللّه فعلاً من عبدٍ فعلُه تعالى أو تركه المفضي إلى فعل عبد المجتمِعُ مع علمه تعالى بأنّ العبد ـ مع استجماعه للعلّة التامّة للفعل، وللعلّة التامّة للترك ـ يختار ذلك الفعل، مع قدرته تعالى على ما علم أنّه لو صدر عنه تعالى بدلَ