561
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

تفعله ؛ فلفظ «تأتي» و«تترك» خبر، ومعناهما كالأمر. والنشر على غير ترتيب اللفّ .
(وَقَالَ ) في سورة الإنسان :
(«إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَ إِمَّا كَفُورًا»،۱قَالَ : عَرَّفْنَاهُ ) ؛ من باب التفعيل .
(إِمَّا آخِذٌ) أي أخذ سبيل الحقّ (وَإِمَّا تَارِكٌ) .
والرفع في «آخذ» و«تارك» في الحديث للإشارة إلى أنّ آخذا وتاركا في الآية حالان مقدّرتان عن الضمير المنصوب في «هديناه»، فإنّ الهداية قبل نفس الشكر والكفران .
(وَعَنْ قَوْلِهِ) . من كلام ثعلبة ؛ أي وسأله عن قوله في سورة فصّلت :
(«وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى»،۲قَالَ : عَرَّفْنَاهُمْ) ؛ من باب التفعيل والمفعول محذوف، أي سبيل الحقّ .
(فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) أي لم يعملوا على وفق التعريف، فهم استحبّوا عدمه على وجوده .
(وَهُمْ يَعْرِفُونَ) . أي سبيل الحقّ . والتعدية ب«على» لتضمين الاستحباب معنى الترجيح .
(وَفِي رِوَايَةٍ : بَيَّنَّا لَهُمْ) . أي بدل «عرّفناهم».
كلّ من الهداية والتعريف قد يستعمل في التوفيق وقد يستعمل في بيان الحكم، والبيان لا يستعمل في التوفيق إلّا نادرا بقرينة.
إن جعلنا هذا حديثا على حِدة، كان أحاديث الباب سبعةً .
الرابع : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللّهِ) في سورة البلد :
(«وَ هَدَيْنَـهُ النَّجْدَيْنِ»؟۳قَالَ : نَجْدَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ) . النجد : الطريق الواضح المرتفع ،

1.الإنسان (۷۶) : ۳ .

2.فصّلت (۴۱) : ۱۷ .

3.البلد (۹۰) : ۱۰ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
560

المرفوع ل«ما» والبارز المنصوب للّه . ويمكن أن يكونا من المجرّد ، فالمستتر المرفوع للّه والبارز المنصوب ل«ما».
و«رضيه» كعلمه: ضدّ «سخطه»؛ وأرضاه: ضدّ أسخطه؛ وسخطه كعلمه ، أي كرهه؛ وأسخطه، أي أغضبه.
ظاهره أنّ المراد بالهداية البيان، أي التعمير إلى البلوغ وإعطاء العقل، وبالتبيين التعريف، أي إرسال الرُّسل وإنزال الكتب ، والمراد بالإضلال إمّا مقابل التعريف، فيكون «حتّى» للاستثناء المنقطع الذي لا يمكن فيه تسليط العامل، نحو: ما زاد هذا إلّا ما نقص ، وكقول الشاعر :

واللّه لا يذهب شيخي باطلاًحتّى أبير مالكا وكاهلاً۱
فيكون مفاد الآية ما يجيء في أوّل «كتاب الحجّة» من الاضطرار إلى الحجّة ، ۲ ويكون أفعل بمعناه الحقيقي.
وإمّا الاحتجاج على العصاة، فيكون أفعل بمعنى عدّ الشيء ذا صفة، وهو الأنسب بعنوان الباب ، ولذا يُقال : المراد أنّ اللّه لا يحتجّ على قوم ولا يحكم بضلالتهم بعد إذ هداهم إلى الإيمان إلّا بعد أن يعلمهم . انتهى ۳ مضمونه. فما بعد حتّى خارج عن حكم ما قبلها .
(وَقَالَ) . هذا من كلام ثعلبة، وضميره راجع إلى حمزة؛ أي وسأله عن قوله تعالى في سورة الشمس :
(«فَأَلْهَمَهَا) أي النفس (فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا»،۴قَالَ : بَيَّنَ لَهَا مَا تَأْتِي وَمَا تَتْرُكُ) . يعني المراد بالإلهام البيان والتوقيف بالوحي ، والمراد بفجورها ما فيه فجورها وهو ما تترك، أي ما يجب عليها أن تترك، وبتقواها ما فيه تقواها، وهو ما تأتي، أي ما يجب عليها أن

1.هذا البيت لامرى ء القيس في ديوانه ، ص ۱۳۴ . وفيه: «تاللّه » بدل «واللّه » .

2.الكافي، ج ۱، ص ۱۶۸، باب الاضطرار إلى الحجّة.

3.في حاشية «أ» : «القائل مولانا محمّدأمين الإسترابادي في الفوائد المدنيّة (منه)» . الفوائد المدنيّة ، ص ۴۲۹ و ۴۳۱ .

4.الشمس (۹۱) : ۸ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 78047
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي