341
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

وسوسة الشيطان ، فإنّه يقول : جلوسك هنا عبث ، وإلّا كان صرف عمرك في العلم عبثا .
(وَإِنْ تَكُنْ جَاهِلاً ، عَلَّمُوكَ) أي هَدوك إلى طريق علمهم .
(وَلَعَلَّ) ؛ للتوقّع وهو ترجّي المحبوب . (اللّهَ أَنْ) ؛ ناصبة ويقترن بها خبر «لعلّ» كثيرا لحمل «لعلّ» على «عسى» .
(يُظِلَّهُمْ بِرَحْمَتِهِ) . يُقال : أظلّه أمر كذا : إذا غشيه أو دنا منه ، كأنّه ألقى عليه ظلّه ، والباء للتعدية أو للملابسة .
(فَتَعُمَّكَ مَعَهُمْ) ؛ بصيغة المضارع للمؤنّث الغائبة من باب نصر ، أي فتشملك . والضمير المستتر للرحمة ، ويمكن أن يكون للمذكّر والضمير للّه ، أي فيعمّك اللّه بها ، يُقال : عمّهم بالعطيّة : إذا أشملهم عطيّته .
واختلف في نصب الفعل الواقع بعد الفاء ، فذهب البصريّون إلى أنّه لا يجوز نصبه ، فالنصب هنا بالعطف لفظا على «يظلّهم» فيرفع مع عدم «أن» والفاء ليست للسببيّة ، بل للعطف على صريح الفعل . وذهب الفرّاء إلى جواز نصبه بأن مقدّرة ، فيكون الفعل في تأويل مصدر معطوف بالمعنى على مصدر متوهّم ، فيجوز نصبه مع عدم «أن» أيضا ، والفاء للسببيّة ، احتجَّ بقراءة حفص عن عاصم «فَأَطَّـلِعَ»۱ بالنصب في جواب «لَّعَلِّى أَبْلُغُ الْأَسْبَـبَ»۲ ، وأوّله البصريّون بأنّ «لعلّ» اُشربت معنى «ليت» لكثرة استعمالها في توقّع المرجوّ ، وتوقّع المرجوّ ملازم للتمنّي . ۳ وقال صاحب ۴ الارتشاف : «وسماع الجزم بعد الترجّي يدلّ على صحّة مذهب الفرّاء ومَن وافقه من الكوفيّين» ۵ انتهى .
(وَإِذَا رَأَيْتَ قَوْما لَا يَذْكُرُونَ اللّهَ) أي ينسونه ، ونسيان اللّه تعالى ترك الالتفات إلى

1.غافر(۴۰) : ۳۷ ، وانظر: تفسير الكشاف ، ج ۳ ، ص ۴۲۸ .

2.غافر (۴۰) : ۳۶ .

3.حكاه عن بعض النجاة الغرناطي الكلبي في التسهيل لعلوم التنزيل ، ج ۴ ، ص ۶ ؛ وانظر: شرح شافية ابن الحاجب ، ج ۴ ، ص ۱۳۰ .

4.في حاشية «أ» : «نقله الأزهري في التصريح شرح التوضيح (منه دام ظله)» .

5.حكاه الرضي في شرح شافية ابن الحاجب ، ج ۴ ، ص ۱۳۰ : عن أبي حيان في الارتشاف .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
340

الباب التاسع : بَابُ مُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ وَصُحْبَتِهِمْ

فيه خمسة أحاديث :
الأوّل : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ رَفَعَهُ ، قَالَ : قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ : يَا بُنَيَّ ، اخْتَرِ الْمَجَالِسَ) ؛ بفتح الميم جمع مجالس بضمّ الميم ، أي قوما يحسن مجالستك إيّاهم مثل مُفاتح ومَفاتح ، ولو كان جمع مجلس أو بضمّ الميم مفردا لم يناسب قوله : «فإن رأيت قوما» إلى آخره .
(عَلى عَيْنِكَ) . الظرف متعلّق بـ «اختر» ، والمراد بالعين بفتح المهملة وسكون الخاتمة والنون : الباصرة التي هي أشرف الأعضاء ، أو المراد الذات ، نظير : «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ»۱ .
(فَإِنْ رَأَيْتَ قَوْما يَذْكُرُونَ اللّهَ جَلَّ وَعَزَّ) . الذِّكر نقيض النسيان ، أي يخشون اللّه ولا ينسونه . والمراد أنّهم يجعلون أفعالهم وأقوالهم تبعا للآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ والاختلاف عن ظنّ ، الآمرة بسؤال أهل الذِّكر ، الثابتة في كلّ شريعة .
(فَاجْلِسْ مَعَهُمْ ؛ فَإِنْ تَكُنْ عَالِما) بالمسائل التي يذكرونها حين جلوسك (نَفَعَكَ عِلْمُكَ) أي لم يكن علمك السابق عبثا باعتبار هذا المجلس ؛ لأنّ العالم بالشيء إذا سمعه مرّة اُخرى كان أبعد من النسيان من الجاهل إذا سمعه أوّل مرّة ، وهذا لدفع

1.الحشر (۵۹) : ۹ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95602
صفحه از 602
پرینت  ارسال به