395
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

العلماء في العرف ، وبالجاهل من ليس كذلك وإن كان عالما بخصوصيّة ما فعله أو تركه من المعصية . وظاهر هذا أنّ نسبة قبح ذنب الجاهل إلى قبح ذنب العالم نسبة الواحد إلى واحد وسبعين .
الثاني : (وَبِهذَا الْاءِسْنَادِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام۱: وَيْلٌ لِلْعُلَمَاءِ السُوءِ۲) ؛ بضمّ المهملة : الآفة كالبرص . ۳ والمراد هنا أنّهم آفة دين الناس بسبب حبّ الدنيا والحكم بالظنّ ونحو ذلك ؛ أو بفتح المهملة مصدر ساءه ، يسوؤه ، وبالضمّ الاسم منه ، والوصف بالمصدر للمبالغة ولم يجمع ؛ لأنّه مصدر لفظا أو معنىً .
(كَيْفَ) ؛ للتعجّب . (تَلَظّى عَلَيْهِمُ النَّارُ ؟!) . فعل ماض من باب التفعّل لتحقّق وقوعه ، أو مستقبل منه بحذف إحدى التاءين . وتلظّي النار : تَلَهُّبها واتّقادها .
الثالث : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعا ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : إِذَا بَلَغَتِ النَّفْسُ) ؛ بسكون الفاء ، أي الروح . وظاهره إبطال تجرّد النفس .
(هَاهُنَا ـ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى حَلْقِهِ ـ ) . ظاهره أنّ هذا معنى قوله تعالى : «ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ۴»۵ .
(لَمْ يَكُنْ لِلْعَالِمِ) أي المرتكب للكبيرة مع علمه بأنّها كبيرة (تَوْبَةٌ) . مصدر تاب اللّه عليه : إذا رجع عليه بفضله ؛ لرجوعه عن المعصية . ويُقال : تاب إلى اللّه : إذا رجع عن المعصية . واللام للانتفاع ؛ أي لا يتوب اللّه عليه .
والمراد أنّه لم يبق له إلّا احتمال المراجعة المذكورة في شرح أوّل السابق أو نحو ذلك .

1.في الكافي المطبوع : «على نبينا وآله و عليه السلام» .

2.في الكافي المطبوع : «لعلماء السَّوء» .

3.ترتيب كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۸۷۲ (سوء) .

4.في «ج ، د» : «من قريب» بدل : «تعالى : «ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ» .

5.النساء (۴) : ۱۷ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
394

الباب السادس عشر : بَابُ لُزُومِ الْحُجَّةِ عَلَى الْعَالِمِ وَتَشْدِيدِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ

فيه أربعة أحاديث :
الأوّل : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْمِنْقَرِيِّ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ : يَا حَفْصُ ، يُغْفَرُ لِلْجَاهِلِ سَبْعُونَ ذَنْبا قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ) .
المراد بالجاهل من علم وجوب طلب العلم ، ولم يعمل بعلمه هذا ، ولم يتعلّم الأحكام ، ولم يتفقّه ، فترك الواجبات وارتكب المنهيّات لجهله بالأحكام .
والمراد بالعالم من تفقّه وعلم الأحكام ، ولم يعمل بعلمه هذا ، فترك الواجبات وارتكب المنهيّات مع علمه بالأحكام .
ولا شكّ أنّ من يعلم شيئا بخصوصه ولا يعمل به أشدُّ تبعةً فيه ممّن لا يعلمه ، فذنب الجاهل قويّ في ترك طلب العلم لأنّه عالم فيه ، وضعيف بالنسبة إلى العالم فيما بعده من الخصوصيّات ، بل ربّما يتوهّم أنّه لا ذنب له فيها ؛ لأنّه غير مطاق له . وظاهر هذا الحديث يدفعه ، ومرَّ نظير هذا المبحث في رابع «باب ثواب العالم والمتعلِّم» .
ويُحتمل أن يكون المراد بالعالم والجاهل العالم بحقيقة الوعيد في الذنب والجاهل بها ، أو العالم بالمحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ والجاهل بها ، أو العالم بالحكم الواقعي والجاهل به مع علمه بالحكم الواصلي .
ويحتمل أن يُراد بالعالم من علم قدرا معتدّا به من الشرعيّات ، فيكون معدودا من

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 116621
صفحه از 602
پرینت  ارسال به