447
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الباب التاسع عشر : بَابُ التَّقْلِيدِ

فيه ثلاثة أحاديث ؛ أي باب بيان من لا يجوز تقليده ومَن يجوز ويجب . والتقليد : العمل بقول الغير من غير طلب دليل منه ؛ كأنّه جعل القول قلادة في عنقه ؛ لأنّه جعل عهدته عليه ولم يفتّش بعد سماعه منه .
الأوّل : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ يَحْيى ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ :«اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْبابا مِنْ دُونِ اللّهِ»۱؟) أي ما معنى ما ذمّ اللّه تعالى به النصارى في سورة التوبة من اتّخاذهم الأحبار والرهبان أربابا . والأحبار جمع حِبر بكسر الحاء وفتحها وهو العالم ، والرُّهبان جمع راهب ، وهو المتخلّي عن أشغال الدنيا ، التارك لملاذّها ، الزاهد فيها ، المعتزل عن أهلها ، المتحمّل للمشاقّ .
(فَقَالَ : أَمَا وَاللّهِ ، مَا دَعَوْهُمْ إِلى عِبَادَةِ أَنْفُسِهِمْ) أي صريحا .
(وَلَوْ دَعَوْهُمْ) أي إلى عبادة أنفسهم صريحا (مَا أَجَابُوهُمْ) أي ما عبدوهم صريحا .
(وَلكِنْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاما ، وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ حَلَالاً) . تحليل الحرام وتحريم الحلال يحتمل وجهين :
الأوّل : تحريف الكلم عن مواضعه عمدا ، أي تأويل الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ الآمرة بسؤال أهل الذِّكر بحيث يفضي إلى إحلال ما نهى عنه

1.التوبة (۹) : ۳۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
446

عَبْدِ اللّهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) أي وكتبوا بخطّهم كتبا في ذلك (وَكَانَتِ التَّقِيَّةُ شَدِيدَةً ، فَكَتَمُوا كُتُبَهُمْ فَلَمْ 1 تُرْوَ) 2 ؛ بصيغة المجهول من المضارع ، الغائب¨ ، وفيه ضمير الكتب . (عَنْهُمْ ، فَلَمَّا مَاتُوا ، صَارَتِ الْكُتُبُ إِلَيْنَا) أي ونحن نعرف خطّهم أو نثق بأنّها خطّهم أو مسموعهم ، ويسمّى كلّ هذا عند أهل الدراية «وِجادة» بكسر الواو والجيم والمهملة .
(فَقَالَ : حَدِّثُوا بِهَا) أي بالكتب عنهم على وجه لا يوهَم القراءة عليهم أو السماع منهم ، أو نحو ذلك .
(فَإِنَّهَا حَقٌّ) أي ممّا يجب العمل به من خبر الواحد ، وكالمسموع منهم في وجوب العمل . وليس المراد أنّها تُفيد القطع بالحكم الواقعي ، أو القطع بصدق رواياتهم عن المعصوم .

1.في المطبوع : «ولم» .

2.في حاشية «أ» : «الأصحّ الأصوب والأثبت الأقوم (فلم نرو عنهم) بفتح الواو المشدّدة وبالراء المفتوحة ، على صيغة المجهول من المضارع المجزوم ، إمّا بضمّ النون للمتكلّم مع الغير أو بالتاء المضمومة للتأنيث في الغيبة ؛ من التروية بمعناها الشائع في اصطلاح على الحديث في الرخصة . وقد ورد أيضا في اللغة ؛ قال في الصحاح : رويت الشعر تروية ، أي حملته على روايته ، وقال في المغرب : أول الحديث والشعر روا ورويته إيّاه : حملته على روايته من إنّا روينا في الأخبار . وضمير الجمع في «عنهم» للمشايخ ، والمعنى فلم نرو نحن عنهم ، أي لم يرخّص لنا من قبلهم في الرواية ، أو لم ترو تلك الكتب وأحاديثها عنهم ، أي لم يرخّص من قبلهم في روايتها ، وفي طائفة من النسخ : «فلم يرووا عنهم» من روى يروي رواية ، وواو الجمع في الفعل للمشايخ ، والضمير البارز في «عنهم» للأئمة عليهم السلام ، وأمّا (فلم نرو) على صيغة المتكلّم مع الغير من الروايات من تصحيفات المصحفين . م ح ق» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 116871
صفحه از 602
پرینت  ارسال به