منهاج الحقّ و اليقين في تفضيل عليّ أميرالمؤمنين علي سائر الأنبياء و المرسلین - الصفحه 67

وهذا الحديث من ۱ أوضح دليل وأبين حجّةٍ على تفضيل عليّ على سائر النبيّين . انظروا يا اُولي الأبصار ، هذا عمله في يوم اُحد، وذاك فعله في يوم الخندق الذي فضّله النبيّ على أعمال جميع الثقلين إلى يوم القيامة ، إنّ هذا لهو الرجحان العظيم ، و«ذَ لِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» .
ومن ذلك ما ذكر في كتاب مصباح الأنوار عن يونس ، عن إسحاق ، قال : خرج رسول اللّه إلى غزاة تبوك وخلّف عليّ بن أبي طالب عليه السلام على أهله ، وأمره بالإقامة فيهم ، فأرجف المنافقون وقالوا : ما خلّفه رسول اللّه إلّا استثقالاً به ! فلمّا سمع ذلك أخذ سلاحه وخرج إلى النبيّ صلى الله عليه و آله وهو نازل بالجُرْف ۲ ، فقال : يا رسول اللّه ، زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني استثقالاً بي ! فقال رسول اللّه : كذبوا ، ولكنّي خلّفتك لما تركت ورائي ، فارجع واخلفني في أهلي وأهلك ؛ ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ؟ فارجع إلى المدينة۳.
ومضى رسول اللّه لسفره . قال : فكان من أمر الجيش أنّه انكسر وانهزم الناس عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فنزل جبرئيل وقال : يا نبيّ اللّه ، إنّ اللّه يقرئك السلام ويبشّرك بالنصر ، ويخبرك إن شئت أنزلت لك الملائكة فيقاتلوا ، وإن شئت عليّاً فادعه يأتيك . فاختار النبيّ صلى الله عليه و آله عليّاً ، فقال جبرئيل : نادِ عليّاً مظهر العجائب ، تجده عوناً لك في النوائب ، كلّ همّ وغمّ سينجلي ، بولايتك يا عليّ يا عليّ يا عليّ .
فقال جبرئيل : أدِرْ وجهك نحو المدينة وناد : يا أبا الغوث أدركني ، يا عليّ أدركني۴.

قال سلمان الفارسي : وكنت فيمن تخلّف مع عليّ عليه السلام ، فخرج يوماً يريد الحديقة ، فمضيت معه ، فصعد النخلة ينزل كرباً ، فهو ينثر وأنا أجمع إذ سمعته يقول : لبّيك لبّيك يا رسول اللّه ، ها أنا جئتك . ونزل والحزن ظاهر عليه ودمعه ينحدر . فقلت له : ما شأنك يا أبا الحسن ؟ قال : يا سلمان ، انكسر جيش رسول اللّه ، وهو يدعوني ويستغيث بي . ثمّ

1.«ألف»: ـ من .

2.الجُرف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام .

3.راجع سيرة النبي صلى الله عليه و آله لابن هشام، ج ۴، ص ۹۴۷ ؛ تاريخ الطبري، ج ۲، ص ۳۶۸ .

4.«ألف»: ـ أدركني .

الصفحه من 81