أَعْلَمُ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْعَالِمِ أَنْ يَقُولَ ذلِكَ» ۱ .
جواب هذه الشبهة:
أوّلاً ـ ما في كتاب الروضة يشهد على أنّه للكليني:
المعروف عن كلّ كتاب أنّه مرآة عاكسة لشخصيّة مؤلّفه في اُسلوبه، ولغته، وطريقته في الكلام، ومعالجة ما يريد بحثه، أمّا إذا كان الكتاب من كتب رواية الحديث ـ ككتاب الروضة ـ ففيه زيادة على ما مرّ بيان سند الحديث وتحديد رجاله بشكل تتّضح معه أسماء مشايخ المؤلّف لكي لا يتّهم في الرواية بأخذها على علّاتها من غير سماع ولا تحديث، فيُرمى حينئذٍ بالتدليس.
وممّا يلحظ على كتاب الروضة جملة اُمور منها:
1 ـ اُسلوب عرض المرويّات فيه هو الاُسلوب بذاته في اُصول وفروع الكافي، إذ يبدأ أوّلاً بذكر سلسلة السند كاملة إلّا ما ندر ـ وهذه ميزة امتاز بها الكافي على غيره من كتب الحديث ـ ومن ثمّ اتّباع اُسلوب البحث عن طرق اُخرى مكمّلة للرواية وترتيب هذه الطرق بحسب جودتها، وهذا هو ما عُمل في اُصول وفروع الكافي ، وأمّا كثرته هناك وقلّته هنا فهي لانعدام التبويب في الروضة وما فرضه محتوى الكتاب من عدم تنسيق الأحاديث فيه وتصنيفها إلى كتب وأبواب.
2 ـ لغة الروضة من حيث العنعنة السائدة، والإصطلاح المتداول في نظام الإحالة على إسناد سابق، واختصار الأسانيد، والمتابعات والشواهد هي بعينها في اُصول الكافي وفروعه.
3 ـ رجال أوّل السند من مشايخ ثقة الإسلام الكليني إلّا القليل النادر منهم حيث أخذ مرويّاتهم من كتبهم المتداولة في عصره والمعروفة الانتساب إلى أصحابها الثقات، وما قبلها من إسنادٍ فهو لها أيضا، وهو ما يعرف بالإسناد المعلّق، ولا منافاة بينه وبين الأخذ من الكتاب مباشرة، كما فعل ذلك أيضا في الاُصول والفروع.
4 ـ طرق روايات الاُصول والفروع (سلسلة السند) إلى أصحاب الأئمّة عليهم السلام هي طرق روايات الروضة أيضا.
۱۰۴.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ۲، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :۳ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: «إِذَا سُئِلَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَمَّا لاَ يَعْلَمُ، فَلْيَقُلْ: لاَ أَدْرِي، وَلاَ يَقُلْ: اللّهُ أَعْلَمُ؛ فَيُوقِعَ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ شَكّاً، وَإِذَا قَالَ الْمَسْؤُولُ: لاَ أَدْرِي، فَلاَ يَتَّهِمُهُ السَّائِلُ» ۴ .
۱۰۵.الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام : مَا حَقُّ اللّهِ ۵ عَلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ: «أَنْ يَقُولُوا مَا يَعْلَمُونَ، وَيَقِفُوا
1.. المحاسن ، ص ۲۰۶، كتاب مصابيح الظلم ، ح ۶۴ ، بسنده عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي بن عبداللّه ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام . تحف العقول ، ص ۲۹۷. راجع : الخصال ، ص ۳۱۵ ، باب الخمسة، ح ۹۶؛ والإرشاد ، ج ۱، ص ۲۹۷ الوافي ، ج ۱ ، ص ۱۹۱ ، ح ۱۲۳.
2.. الخبر رواه أحمد بن محمّد بن خالد البرقي في المحاسن ، ص ۲۰۶، ح ۶۳ ، عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عن حريز بن عبداللّه عن الهيثم عن محمّد بن مسلم.
والظاهر أنّ كلاًّ من سندي الكافي والمحاسن مختلٌّ. أمّا سند الكافي، فلايبعُد سقوط الواسطة بين أحمد بن محمّد بن خالد وحمّاد بن عيسى؛ فإنّ أحمد بن محمّد بن خالد يروي في كتابه المحاسن عن حمّاد بن عيسى أكثر من ستّين موردا ، كلّها مع الواسطة إلاّ ما ورد في ص ۳ ، ح ۲؛ وص ۲۰۳ ، ح ۴۷ ؛ وص ۲۵۹ ، ح ۳۰۸ ؛ و ص ۴۲۷ ، ح ۲۳۷ ؛ وص ۵۵۵ ، ح ۹۰۸ ؛ وص ۲۴۳ ، ح ۱۶۹ ، وكلّها مختلّ ، يظهر اختلالها للعارف بالأسناد وطبقات الرواة.
وأمّا سند المحاسن ، فالظاهر زيادة «عن الهيثم»، فإنّا لم نجد رواية من يُسَمّى بالهيثم عن محمّد بن مسلم ـ مع الفحص الأكيد ـ في غير هذا المورد . هذا، مضافا إلى أنّ وقوع الواسطة بين حريز بن عبداللّه وشيخه محمّد بن مسلم ـ وقد روى عنه في كثيرٍ من الأسناد جدّا ـ بعيد ، راجع: معجم رجال الحديث ، ج ۴، ص ۲۵۳ ـ ۲۵۴، و ص ۴۹۵.
3.الطبعة القدیمة للکافی : ۱/۴۳
4.. المحاسن ، ص ۲۰۶ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ۶۳ . راجع : المحاسن ، ص ۹، كتاب الأشكال والقرائن ، ح ۲۶ ؛ و ص ۲۰۷ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ۶۶؛ والخصال ، ص ۳۱۵ ، باب الخمسة ، ح ۹۵ الوافي، ج ۱، ص ۱۹۲ ، ح ۱۲۴.
5.. في التوحيد: «ما حجّة اللّه».