عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ : «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ۱وَرُهْبانَهُمْ۲أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ»۳ ؟ فَقَالَ: «أَمَا وَاللّهِ، مَا دَعَوْهُمْ إِلى عِبَادَةِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَوْ دَعَوْهُمْ ۴ مَا أَجَابُوهُمْ ۵ ، وَلكِنْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاماً، وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ حَلاَلاً، فَعَبَدُوهُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ» ۶ .
تنبيهات ثلاث:
1. إنّ هذا العمل وبهذه السعة كان ولأوّل مرّة على كتاب حديثي بهذا الحجم الكبير، ولهذا فليس هو الخطوة النهائية في هذا المجال، وإنّما هو خطوة اُولي في هذا الطريق، ونحن نري أنّ الذي أنجزناه من أعمال في مجال تصحيح الكتاب إنّما هو خطوات في مسير التصحيح والتحقيق، وهناك خطوات اُخري في هذا المجال لابدّ من طيّها من أجل تقديم تحقيق أكثر عمقا وأوسع نطاقا، يرفع المشاكل والمعضلات التي يواجهها الباحثون في مجال الحديث، وتسهيل الطريق أمام طلّاب المعارف الحقّة؛ لينهلوا من هذه العيون العذبة.
ونحن نعتقد أنّ كتاب الكافي ـ باعتبار أنّه أهمّ وأوسع كتاب حديثي وأكثرها اعتباراً ـ حريّ بأن يحقّق عدّة مرّات بتطلّعات جديدة تتناسب مع الزمان والتقنية العصرية وبلحاظ حاجات المخاطبين المتنوّعة، وأن يطبع بأحجام مختلفة، كما حصل ويحصل بالنسبة لغيره من الكتب التي لا تحظى بأهميّته ومنزلته.
وهذا العمل هو تجربة جديدة، فهي مقرونة ببعض النقص والأخطاء لا محالة، فنأمل من كافّة المحقّقين والباحثين والفضلاء في الحوزة والجامعة أن يدقّقوا النظر فيه، وأن يرسلوا إلينا ملاحظاتهم واقتراحاتهم ويعينونا على الاستمرار في هذا الطريق.
2. فيما يتعلّق بتصحيح النصوص توجد اختلافات كثيرة على مستوى المباني وعلى مستوى الاُسلوب والطريقة وعلى مستوى المقدار، ولهذا فإنّ كلّ مصحّح يختار طريقة خاصّة ويسير عليها، وبطبيعة الحال فإنّ الكافي هو أحد هذه الكتب، وهو غير مستثنى من هذه القاعدة. ولنستعرض للقارئ الكريم بعض نماذج الاختلافات المشار إليها طبقا للاستفتاء الذي أجريناه في هذا المجال:
ـ يقول البعض: إنّ مقابلة الكتاب مع نسختين أو ثلاث من نسخه المخطوطة يعدّ كافيا، بينما يقول البعض الآخر: إنّ مقابلة الكتاب مع جميع النسخ ضروريّة وإن بلغت ثلاثين نسخة.
ـ يقول البعض: إنّ الأفضل عدم الإشارة إلى شيء من نسخ البدل في الهامش، بينما
۱۵۹.عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيِّ۷، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ :
قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : «يَا مُحَمَّدُ، أَنْتُمْ أَشَدُّ تَقْلِيداً أَمِ الْمُرْجِئَةُ؟ ۸ » قَالَ: قُلْتُ: قَلَّدْنَا وَقَلَّدُوا، فَقَالَ: «لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ هذَا». فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ أَكْثَرُ مِنَ الْجَوَابِ
1.. «الأحبار» : علماء اليهود ، من الحِبر ـ وهو الأفصح ـ أو الحَبْر ، بمعنى الذي يكتب به، أو بمعنى الأثر. اُنظر : الصحاح ، ج ۲، ص ۶۱۹ ـ ۶۲۰ (حبر).
2.. «الرهبان» : عبّاد النصارى ، جمع الراهب ، وهو المتعبّد في الصومعة ، من الرَهَب ، بمعنى الخوف . اُنظر : لسان العرب ، ج ۱، ص ۴۳۷ (رهب).
3.. التوبة (۹) : ۳۱.
4.. في الكافي ، ح ۲۸۷۹ والمحاسن : + «إلى عبادة أنفسهم».
5.. في «بح» : «ما أجابوا» . وفي الكافي ، ح ۲۸۷۹: «لمّا أجابوهم».
6.. الكافي ، كتاب الإيمان و الكفر ، باب الشرك ، ح ۲۸۷۹؛ المحاسن ، ص ۲۴۶ ، كتاب مصابيح الظلم ح ۲۸ . وفي تفسير العيّاشي ، ج ۲، ص ۸۷ ، ح ۴۸ ، عن أبي بصير. وراجع: تصحيح الاعتقاد ، ص ۷۲ فضل في النهي عن الجدال الوافي ، ج ۱، ص ۲۳۹ ، ح ۱۷۲؛ الوسائل ، ج ۲۷ ، ص ۱۲۴ ، ح ۳۳۳۸۲.
7.. هكذا في «ف ، بح» . وفي «الف ، ب ، ج، ض ، و ، بر ، بس ، بف» والمطبوع : «الهمداني».
والظاهر أنّ إبراهيم بن محمّد هذا ، هو إبراهيم بن محمّد الهَمَذاني الذي كان هو ووُلده وكلاء الناحية بهَمَذان. راجع: رجال النجاشي ، ص ۳۴۴ ، الرقم ۹۲۸؛ رجال الكشّي ، ص ۶۰۸ ، الرقم ۱۱۳۱ ، ص ۶۱۱ ، الرقم ۱۱۳۵ و ۱۱۳۶. ولا يخفى أنّ «الهَمْداني » منسوب إلى هَمْدان وهي قبيلة من اليمن ، نزلت الكوفة . راجع : الأنساب للسمعاني ، ج ۵ ، ص ۶۴۷.
8.. «المرجئة»: تطلق على فرفتين: فرقة مقابلة للشيعة ، من الإرجاء بمعنى التأخير؛ لتأخيرهم عليّا عليه السلام عن مرتبته . وفرقة مقابلة للوعيديّة . إمّا من الإرجاء بمعنى التأخير؛ لأنّهم يؤخّرون العمل عن النيّة والقصد ، وإمّا بمعنى إعطاء الرجاء؛ لأنّهم يعتقدون أنّه لايضرّ مع الإيمان معصية ، كما لاينفع مع الكفر طاعة ، أو بمعنى تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة .