25
الكافي ج1

وَمَا الثَّلاَثُ؟ فَقَالَ : الْعَقْلُ ، وَالْحَيَاءُ ، وَالدِّينُ ، فَقَالَ آدَمُ عليه ‏السلام : إِنِّي ۱ قَدِ ۲ اخْتَرْتُ ۳ الْعَقْلَ ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه ‏السلام لِلْحَيَاءِ وَالدِّينِ : انْصَرِفَا وَدَعَاهُ ، فَقَالاَ : يَا جَبْرَئِيلُ ، إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الْعَقْلِ حَيْثُ كَانَ ، قَالَ : فَشَأْنَكُمَا ۴ ، وَعَرَجَ» ۵ .

ثالثا ـ مجيء الصبيان إلى الحكم:

من آفات هذا العصر التي أدّت إلى انتكاسات سياسيّة خطيرة مجيء الصبيان إلى السلطة حتّى صاروا اُلعوبة بيد النساء والأتراك والوزراء والجند وغيرهم من رجال الدولة، نظير المقتدر باللّه‏ (295 ـ 320 ه ) الذي كان عمره يوم وُلي الخلافة ثلاث عشرة سنة ۶ ؛ ولهذا استصباه الوزير العبّاس بن الحسن حتّى صار اُلعوبة بيده ، وكان صبيّا سفيها، فرّق خزينة الدولة على حظاياه وأصحابه حتّى أنفدها ۷
.

رابعا ـ تدخّل النساء والخدم والجواري في السلطة:

يرجع تاريخ تدخّل النساء في شؤون الدولة العبّاسيّة إلى عصرها الأوّل، وتحديدا إلى زمان الخيزران زوجة المهدي العبّاسي (158 ـ 169 ه ) التي تدخّلت في شؤون دولته، واستولت على زمام الاُمور في عهد ابنه الهادي (169 ـ 170 ه ) ۸ ، وكذلك في هذا العصر حيث تدخّلت قبيحة اُمّ المعتزّ (252 ـ 255 ه ) في شؤون الدولة ۹ .
واستفحل أمر النساء والخدم في عهد المقتدر (295 ـ 320 ه )، قال ابن الطقطقي: «كانت دولته تدور اُمورها على تدبير النساء والخدم، وهو مشغول بلذّته، فخربت الدنيا في أيّامه، وخلت بيوت الأموال» ۱۰ .
وذكر مسكويه ما كان لقهرمانات البلاط العبّاسي من دور كبير في رسم سياسة الدولة ۱۱ .

۳.أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا :
رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : مَا الْعَقْلُ؟ قَالَ : « ۱۲ مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمنُ ، وَاكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ». قَالَ : قُلْتُ : فَالَّذِي ۱۳ كَانَ فِي مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ : «تِلْكَ النَّكْرَاءُ ۱۴ ، تِلْكَ الشَّيْطَنَةُ ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْعَقْلِ وَلَيْسَتْ بِالْعَقْلِ» ۱۵ .

1.. في «ألف ، ب ، ض ، بح ، بس» وحاشية «ج ، بف» والمحاسن والفقيه والخصال : «فإنّي» .

2.. في «ج ، بس ، بف» : - «قد» .

3.الطبعة القدیمة للکافی : ۱/۱۱

4.. «الشأن» بالهمزة : الأمر و الحال والقصد ، أي فشأنكما معكما ، أي أنّ الأمر إليكما في ذلك ، أو الزما شأنكما. قال العلاّمة المجلسي : «ثمّ إنّه يحتمل أن يكون ذلك استعارة تمثيليّة ، كما مرّ ؛ أو أنّ اللّه‏ تعالى خلق صورة مناسبة لكلّ واحد منها ، وبعثها مع جبرئيل عليه ‏السلام ». راجع : شرح المازندراني ، ج۱ ، ص۸۰ ؛ الوافي ، ج۱ ، ص۸۱ ؛ مرآة العقول ، ج۱ ، ص۳۲.

5.. المحاسن ص۱۹۱ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح۲ ، عن عمرو بن عثمان . وفي الأمالي للصدوق ، ص۶۷۲ ، المجلس ۹۶ ، ح۳ ؛ والخصال ، ص۱۰۲ ، باب الثلاثة ، ح ۵۹ ، بسندهما عن عمرو بن عثمان ؛ الفقيه ، ج۴ ، ص۴۱۶ ، ح ۵۹۰۶ بإسناده عن مفضّل بن صالح ، وفي الكلّ مع اختلاف يسير الوافي ، ج۱ ، ص۸۰ ، ح۷ ؛ الوسائل ، ج۱۵ ، ص۲۰۴ ، ح۲۰۲۸۷ .

6.تاريخ الطبري ، ج ۱۰ ، ص ۱۲۹.

7.البداية والنهاية ، ج ۱۱ ، ص ۱۱۹.

8.تاريخ الطبري ، ج ۶ ، ص ۴۲۱ ـ ۴۲۲؛ فتوح البلدان ، ج ۲ ، ص ۳۳۶.

9.تاريخ الطبري ، ج ۷ ، ص ۵۲۴، ۵۲۵، ۵۲۶، ۵۲۹، ۵۳۹، ۵۴۰.

10.الفخري في الآداب السلطانيّة ، ص ۲۶۲.

11.تجارب الاُمم ، ج ۱ ، ص ۴۴ .

12.. في «ألف» : + «العقل» .

13.. في «ج ، جه» وحاشية «ب ، بج ، بع» : «فما الذي» . وفي «بر ، بو» وحاشية «ض ، بع» : «ما الذي».

14.. في «ج» : «النكر» . و في الوافي :« تلك النكراء : هي الفطنة المجاوزة عن حدّ الاعتدال إلى الإفراط الباعثة لصاحبها على المكر و الحيل و الاستبداد بالرأي و طلب الفضول في الدنيا ،و يسمّى بالجربزة و الدهاء ». و في حاشية ميرزا رفيعا ،ص ۴۶ ، و مرآة العقول ، ج ۱ ، ص ۳۳ :« قوله عليه ‏السلام تلك النكراء ؛ يعني الدهاء والفطنة ، وهي جودة الرأي وحسن الفهم ، وإذا استُعملت في مشتهيات جنود الجهل يقال لها : الشيطنة . ونبّه عليه ‏السلام عليه بقوله : «تلك الشيطنة» بعد قوله : «تلك النكراء» . وراجع: القاموس المحيط ، ج۱ ، ص۶۷۵ (نكر) .

15.. المحاسن ، ص۱۹۵ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح۱۵ ؛ ومعاني الأخبار ، ص۲۳۹ ، ح۱ ، بسندهما عن محمّد بن عبد الجبّار ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج۱ ، ص۷۹ ، ح۵ ؛ الوسائل ، ج۱۵ ، ص۲۰۵ ، ح۲۰۲۸۸ ؛ البحار ، ج۳۳ ، ص۱۷۰ ، ح۴۴۷. ولم يرد فيه : «وليست بالعقل».


الكافي ج1
24

ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَدْبِرْ ، فَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ : وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي مَا خَلَقْتُ خَلْقَاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ ، وَلاَ أَكْمَلْتُكَ إِلاَّ فِي مَنْ أُحِبُّ ۱ ، أَمَا إِنِّي إِيَّاكَ آمُرُ وَإِيَّاكَ أَنْهى، وَإِيَّاكَ أُثِيبُ وَإِيَّاكَ أُعَاقِبُ ۲ ». ۳

أوّلاً ـ نظام ولاية العهد:

وهو نظام سياسي عقيم، وخلاصته: أن يعهد الخليفة بالخلافة لمن يأتي بعده مع أخذ البيعة له من الاُمّة كرها في حياته، وهو بهذه الصورة يمثّل قمّة الاستبداد وإلغاء دور الاُمّة وغمط الحقوق السياسيّة لجميع أفرادها .
وممّا زاد الطين بلّة في العصر العبّاسي الثاني إعطاء ولاية العهد لثلاثة، وهو ما فعله المتوكّل الذي قسّم الدولة على ثلاثة من أولاده، وهم: المنتصر، والمعتزّ، والمؤيّد ۴ ، ممّا فسح ـ بهذا ـ المجال أمامهم للتنافس ، ومحاولة كلّ واحد عزل الآخر من خلال جمع الأعوان والأنصار، بحيث أدّى ذلك في بعض الأحيان إلى معارك طاحنة كما حصل بين الأمين والمأمون.
وهذا النظام وإن انتهى بعد قتل المتوكّل، إلّا أنّ البديل كان أشدّ عقما؛ إذ صار أمر تعيين الخليفة منوطا بيد الأتراك لا بيد أهل الحلّ والعقد، مع التزامهم بعدم خروج السلطة عن سلالة العبّاسيّين وإن لم يكن فيهم رجل رشيد .

ثانيا ـ عبث الخلفاء العبّاسيّين ولهوهم وسوء سيرتهم:

ممّا أدّى إلى تفاقم الأوضاع في هذا العصر انشغال الخلفاء العبّاسيّين بالعبث واللهو، إلى حدّ الاستهتار بارتكاب المحرّمات علنا بلا حريجة من دين أو واعظ من ضمير.
وقد عُرِفَ عبثهم ومجونهم منذ عصرهم الأوّل، فالمنصور العبّاسي (136 ـ 158ه ) مثلاً كان في معاقرته الخمر يحتجب عن ندمائه؛ صونا لمركزه، في حين أعلن ولده المهدي (158 ـ 169ه ) ذلك، وأبى الاحتجاب عن الندماء بل شاركهم ۵ .

۲.عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ۶، عَنِ الاْءَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ :
عَنْ عَلِيٍّ عليه ‏السلام ، قَالَ : «هَبَطَ جَبْرَئِيلُ عليه ‏السلام عَلى آدَمَ عليه ‏السلام ، فَقَالَ : يَا آدَمُ ، إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُخَيِّرَكَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلاَثٍ ، فَاخْتَرْهَا وَ دَعِ اثْنَتَيْنِ ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ عليه ‏السلام : يَا جَبْرَئِيلُ ،

1.. في «ف» : «أَحَبّ إليَّ» .

2.. هكذا في «و ، بس» والكافي ، ح۲۶ والمحاسن والأمالي . وفي سائر النسخ والمطبوع : «إيّاك أُعاقب وإيّاك أُثيب».

3.. المحاسن ، ص۱۹۲ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح۶ ، عن الحسن بن محبوب . الأمالي للصدوق ، ص۴۱۸ ، المجلس ۶۵ ، ح۵، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى . وفي المحاسن ، ص ۱۹۲ ، ح ۵ [عن أبي جعفر وأبي عبداللّه‏ عليهماالسلام ] ؛ والكافي ، كتاب العقل والجهل ، ح ۲۶ ، بسندهما عن العلاء بن رزين . وفيه ، كتاب العقل والجهل ، ضمن ح ۱۴ [إلى قوله : «ثمّ قال له : أدبر فأدبر »] ؛ والمحاسن ، ص ۱۹۲ ، ح ۴ و ۷ ؛ و ص ۱۹۶ ، ضمن ح ۲۲ ؛ وعلل الشرائع ، ص ۱۱۳ ، ضمن ح ۱۰ ، بسند آخر عن أبي عبداللّه‏ عليه ‏السلام . وفيه ، ص ۱۹۲ ، ح ۸ ، بسند آخر عن أبي عبداللّه‏ عليه ‏السلام عن رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ، مع زيادة في آخره . الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۶۸ ، ضمن الحديث الطويل ۵۷۶۲ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم ‏السلام عن رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله . الكافي ، كتاب العقل والجهل ، ذيل ح ۳۲ ، بسند آخر عن الرضا عليه ‏السلام . المحاسن ، ص ۱۹۴ ، ذيل ح ۱۳ ، مرفوعا من دون الإسناد إلى المعصوم عليه ‏السلام . الاختصاص ، ص ۲۴۴ ، مرسلاً عن الصادق عليه ‏السلام ؛ تحف العقول ، ص ۱۵ ، عن النبيّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ؛ وفي كلّ المصادر ـ إلاّ المحاسن ، ح ۶ والأمالي ـ مع اختلاف يسير . راجع : الخصال ، ص ۴۲۷ ، باب العشرة ، ح ۴ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ۳۱۲ ، ح ۱ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ۵۴۱ ، المجلس ۱۹ ، ح ۳ الوافي ، ج ۱ ، ص ۵۱ ، ح ۱ ؛ الوسائل، ج ۱۵ ، ص ۴ ، ح ۲۰۲۸۶ .

4.تاريخ اليعقوبي ، ج ۲ ، ص ۴۸۷؛ تاريخ الطبري ، ج ۹ ، ص ۱۷۶، في حوادث سنة ۲۳۵ ه .

5.تاريخ الخلفاء ، ص ۲۲۲ .

6.. في «ألف ، و ، بس» : «ظريف» . وهو سهو ؛ فإنّ سعدا هذا هو سعد بن طريف الإسكاف الحنظلي . اُنظر : رجال النجاشي ، ص۱۷۸ ، الرقم ۴۶۸ ؛ رجال الطوسي ، ص۱۱۵ ، الرقم ۱۱۴۷ ؛ تهذيب الكمال ، ج۱۰ ، ص۲۷۱ ، الرقم۲۲۱۲ وما بهامشه من المصادر.

  • نام منبع :
    الكافي ج1
    تعداد جلد :
    15
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 294597
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي