وَمَا الثَّلاَثُ؟ فَقَالَ : الْعَقْلُ ، وَالْحَيَاءُ ، وَالدِّينُ ، فَقَالَ آدَمُ عليه السلام : إِنِّي ۱ قَدِ ۲ اخْتَرْتُ ۳ الْعَقْلَ ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام لِلْحَيَاءِ وَالدِّينِ : انْصَرِفَا وَدَعَاهُ ، فَقَالاَ : يَا جَبْرَئِيلُ ، إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الْعَقْلِ حَيْثُ كَانَ ، قَالَ : فَشَأْنَكُمَا ۴ ، وَعَرَجَ» ۵ .
ثالثا ـ مجيء الصبيان إلى الحكم:
من آفات هذا العصر التي أدّت إلى انتكاسات سياسيّة خطيرة مجيء الصبيان إلى السلطة حتّى صاروا اُلعوبة بيد النساء والأتراك والوزراء والجند وغيرهم من رجال الدولة، نظير المقتدر باللّه (295 ـ 320 ه ) الذي كان عمره يوم وُلي الخلافة ثلاث عشرة سنة ۶ ؛ ولهذا استصباه الوزير العبّاس بن الحسن حتّى صار اُلعوبة بيده ، وكان صبيّا سفيها، فرّق خزينة الدولة على حظاياه وأصحابه حتّى أنفدها ۷
.
رابعا ـ تدخّل النساء والخدم والجواري في السلطة:
يرجع تاريخ تدخّل النساء في شؤون الدولة العبّاسيّة إلى عصرها الأوّل، وتحديدا إلى زمان الخيزران زوجة المهدي العبّاسي (158 ـ 169 ه ) التي تدخّلت في شؤون دولته، واستولت على زمام الاُمور في عهد ابنه الهادي (169 ـ 170 ه ) ۸ ، وكذلك في هذا العصر حيث تدخّلت قبيحة اُمّ المعتزّ (252 ـ 255 ه ) في شؤون الدولة ۹ .
واستفحل أمر النساء والخدم في عهد المقتدر (295 ـ 320 ه )، قال ابن الطقطقي: «كانت دولته تدور اُمورها على تدبير النساء والخدم، وهو مشغول بلذّته، فخربت الدنيا في أيّامه، وخلت بيوت الأموال» ۱۰ .
وذكر مسكويه ما كان لقهرمانات البلاط العبّاسي من دور كبير في رسم سياسة الدولة ۱۱ .
۳.أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا :
رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : مَا الْعَقْلُ؟ قَالَ : « ۱۲ مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمنُ ، وَاكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ». قَالَ : قُلْتُ : فَالَّذِي ۱۳ كَانَ فِي مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ : «تِلْكَ النَّكْرَاءُ ۱۴ ، تِلْكَ الشَّيْطَنَةُ ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْعَقْلِ وَلَيْسَتْ بِالْعَقْلِ» ۱۵ .
1.. في «ألف ، ب ، ض ، بح ، بس» وحاشية «ج ، بف» والمحاسن والفقيه والخصال : «فإنّي» .
2.. في «ج ، بس ، بف» : - «قد» .
3.الطبعة القدیمة للکافی : ۱/۱۱
4.. «الشأن» بالهمزة : الأمر و الحال والقصد ، أي فشأنكما معكما ، أي أنّ الأمر إليكما في ذلك ، أو الزما شأنكما. قال العلاّمة المجلسي : «ثمّ إنّه يحتمل أن يكون ذلك استعارة تمثيليّة ، كما مرّ ؛ أو أنّ اللّه تعالى خلق صورة مناسبة لكلّ واحد منها ، وبعثها مع جبرئيل عليه السلام ». راجع : شرح المازندراني ، ج۱ ، ص۸۰ ؛ الوافي ، ج۱ ، ص۸۱ ؛ مرآة العقول ، ج۱ ، ص۳۲.
5.. المحاسن ص۱۹۱ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح۲ ، عن عمرو بن عثمان . وفي الأمالي للصدوق ، ص۶۷۲ ، المجلس ۹۶ ، ح۳ ؛ والخصال ، ص۱۰۲ ، باب الثلاثة ، ح ۵۹ ، بسندهما عن عمرو بن عثمان ؛ الفقيه ، ج۴ ، ص۴۱۶ ، ح ۵۹۰۶ بإسناده عن مفضّل بن صالح ، وفي الكلّ مع اختلاف يسير الوافي ، ج۱ ، ص۸۰ ، ح۷ ؛ الوسائل ، ج۱۵ ، ص۲۰۴ ، ح۲۰۲۸۷ .
6.تاريخ الطبري ، ج ۱۰ ، ص ۱۲۹.
7.البداية والنهاية ، ج ۱۱ ، ص ۱۱۹.
8.تاريخ الطبري ، ج ۶ ، ص ۴۲۱ ـ ۴۲۲؛ فتوح البلدان ، ج ۲ ، ص ۳۳۶.
9.تاريخ الطبري ، ج ۷ ، ص ۵۲۴، ۵۲۵، ۵۲۶، ۵۲۹، ۵۳۹، ۵۴۰.
10.الفخري في الآداب السلطانيّة ، ص ۲۶۲.
11.تجارب الاُمم ، ج ۱ ، ص ۴۴ .
12.. في «ألف» : + «العقل» .
13.. في «ج ، جه» وحاشية «ب ، بج ، بع» : «فما الذي» . وفي «بر ، بو» وحاشية «ض ، بع» : «ما الذي».
14.. في «ج» : «النكر» . و في الوافي :« تلك النكراء : هي الفطنة المجاوزة عن حدّ الاعتدال إلى الإفراط الباعثة لصاحبها على المكر و الحيل و الاستبداد بالرأي و طلب الفضول في الدنيا ،و يسمّى بالجربزة و الدهاء ». و في حاشية ميرزا رفيعا ،ص ۴۶ ، و مرآة العقول ، ج ۱ ، ص ۳۳ :« قوله عليه السلام تلك النكراء ؛ يعني الدهاء والفطنة ، وهي جودة الرأي وحسن الفهم ، وإذا استُعملت في مشتهيات جنود الجهل يقال لها : الشيطنة . ونبّه عليه السلام عليه بقوله : «تلك الشيطنة» بعد قوله : «تلك النكراء» . وراجع: القاموس المحيط ، ج۱ ، ص۶۷۵ (نكر) .
15.. المحاسن ، ص۱۹۵ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح۱۵ ؛ ومعاني الأخبار ، ص۲۳۹ ، ح۱ ، بسندهما عن محمّد بن عبد الجبّار ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج۱ ، ص۷۹ ، ح۵ ؛ الوسائل ، ج۱۵ ، ص۲۰۵ ، ح۲۰۲۸۸ ؛ البحار ، ج۳۳ ، ص۱۷۰ ، ح۴۴۷. ولم يرد فيه : «وليست بالعقل».