27
الكافي ج1

سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام : «مَنْ كَانَ عَاقِلاً ، كَانَ لَهُ دِينٌ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ دِينٌ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ» 1 .

سادسا ـ تدهور الوزارة:

مرّت الوزارة في ظلّ الدولة العبّاسيّة في هذا العصر بتجارب قاسية، وثبت فشلها في عصر الكليني ببغداد؛ إذ أخفق الوزراء في أعمالهم، ولم يحسنوا القيام بأعباء وزاراتهم، وكان همّهم الاستحواذ على أكبر قدر من الأموال، غير آبهين بشؤون الدولة، وأمن الناس، بل كانوا إلبا مع الأتراك في معظم ما حصل من عزل وتنصيب! ويكفي مثالاً على ما وصلت إليه الوزارة في زمان ثقة الإسلام ببغداد ما ذكره الصابي بشأن وزراء المقتدر كأبي الحسن بن الفرات الذي ولي الوزارة ثلاث دفعات (296 ، 299 و 306 ه ) ، وكان يُعزل بعد كلّ مرّة ويُهان ويحبس ويؤتى بوزير جديد، ثمّ يعزل الوزير الجديد ويهان ويحبس، ويعاد ابن الفرات للوزارة من جديد، وهكذا حتّى قتل بعد عزله للمرّة الثالثة وقطعوا رأسه ورأس ولده المحسن ورموا جسديهما في دجلة ۲ .

سابعا ـ الثورات الملتزمة والحركات المتطرّفة التي أضعفت السلطة:

بما أنّ الحديث عن هذه الثورات والتي أحاطت بالدولة من كلّ مكان يخرجنا عن أصل الموضوع، فسنشير إلى أهمّها كالآتي:
1 ـ الثورات العلويّة: وهي كثيرة لا سيّما في مطلع ذلك العصر التي امتدّت من الطالقان شرقا، في حدود سنة (250 ه )، وإلى الدولة الفاطميّة غربا في سنة (296 ه) ۳ .
2 ـ حركة الزنج: التي فتَّت عضد الدولة العبّاسيّة كثيرا وراح ضحيّتها اُلوف الناس ۴ .
3 ـ حركة القرامطة: وهي من أعنف الحركات وأكثرها خطورة لا على الحكومة العبّاسيّة فحسب، بل على الإسلام ومثله العليا أيضا، ولهذا تجرّد ثقة الإسلام الكليني رحمه‏اللهللردّ على هذه الحركة ۵ .
4 ـ ظهور الخوارج المارقة في الموصل ۶ .

۷.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه ‏السلام ، قَالَ : «إِنَّمَا يُدَاقُّ ۷ اللّه‏ُ الْعِبَادَ فِي الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلى قَدْرِ مَا آتَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ فِي الدُّنْيَا» ۸ .

۸.عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّه‏ِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الاْءَحْمَرِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :۹
قُلْتُ لاِءَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام : فُلاَنٌ مِنْ عِبَادَتِهِ وَدِينِهِ وَفَضْلِهِ كَذَا وَكَذَا ۱۰ ، فَقَالَ عليه ‏السلام : «كَيْفَ

1.. ثواب الأعمال ، ص۲۹ ، ح ۲ ، بسنده عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان الوافي ، ج ۱ ، ص ۸۲ ، ح۱۰ ؛ الوسائل ، ج۱۵ ، ص۲۰۶ ، ح۲۰۲۹۰ .

2.تحفة الاُمراء في تاريخ الوزراء ، ص ۲۲ و۲۶ و۲۷ و۲۹ و۳۰ و۵۱.

3.تاريخ الخلفاء ، ص ۳۰۴.

4.راجع: نشأة تلك الحركة ونهايتها في تاريخ الطبري ، ج ۹ ، ص ۴۷۰ ـ ۴۸۸ و۵۲۰ ـ ۵۲۹ و۵۳۴ ـ ۵۴۴ و۵۸۹ ـ ۵۹۹ و۶۲۸ ـ ۶۳۰ و۶۵۴ ـ ۶۶۱.

5.راجع : نشأة تلك الحركة ونهايتها في التنبيه والإشراف ، ص ۳۲۲ ـ ۳۲۵ .

6.البداية والنهاية ، ج ۱۱ ، ص ۸۴ .

7.. في «ج» وحاشية «بر» : «يدافي» . وفي حاشية «ج» : «يدافّ» و«يذاقّ» . وقد اختار السيّد الداماد «يداف» ووَصَف لفظة «يداقّ» بالسقم والتحريف ، كما في التعليقة للداماد ، ص۲۳ ـ ۲۴ . واختار الفيض الكاشاني «يداقّ» و وسم «يدافّ» بالتصحيف ، كما في الوافي.

8.. المحاسن ، ص۱۹۵ ، كتاب مصابيح الظُلَم ، ح۱۶ . وفي معاني الأخبار ، ص۱ ، ح۲ بسند آخر مع اختلاف يسير الوافي ، ج۱ ، ص۸۲ ، ح۱۱ ؛ الوسائل ، ج۱ ، ص۴۰ ، ح۶۴ ؛ البحار ، ج۷ ، ص۲۶۷ ، ح۳۲.

9.الطبعة القدیمة للکافی : ۱/۱۲

10.. هكذا في «بح» وحاشية «ب» والأمالي . وفي «الف ، ف» و حاشية «ج» والبحار : «كذا» . وفي سائر النسخ والمطبوع والوافي : - «كذا و كذا» .


الكافي ج1
26

خامسا ـ تدخّل الأتراك في سياسة الدولة وتحكّمهم في مصير العبّاسيّين:

من الاُمور البارزة في تاريخ هذا العصر ظهور العنصر التركي وسيطرته على مقاليد الاُمور، الأمر الذي يعبّر لنا عن ضعف السلطة المركزيّة وتدهورها؛ لانشغالهم بلهوهم ومجونهم، بحيث نتج عن هذا سيطرة الأتراك على الدولة وتدخّلهم المباشر في رسم سياستها، ويرجع تاريخ تدخّلهم في ذلك إلى عهد المعتصم (218 ـ 227 ه )؛ لأنّه أوّل من جلبهم إلى الديوان، ثمّ صار جلّ اعتماده عليهم في توطيد حكمه، فانخرطوا في صفوف الجيش، وترقّوا إلى الرتب والمناصب العالية، فقويت شوكتهم إلى أن تفرّدوا بالأمر غير تاركين لسادتهم الخلفاء سوى سلطة اسميّة، وأصبح الخليفة كالأسير بيد حرسه.
وقد عانى بنو العباس من العنصر التركي وبال ماجنته أيديهم، وذاقوا منهم الأمرَّين، حتّى صار أمر البلاد بأيديهم يقتلون ويعزلون وينصبون من شاؤوا.
وأمّا في عهد المستعين باللّه‏ (247 ـ 252ه )، غَلَب اُوتامش ابن اُخت بغا الكبير على التدبير والأمر والنهي ۱ ، وكان المستعين اُلعوبة بيد وصيف، وبغا الكبير، ثمّ خلعوه، وبايعوا المعتزّ، ثمّ بدا لهم قتل المستعين ، فذبحوه كما تذبح الشاة، وحملوا رأسه إلى المعتزّ ۲ . وكذا المعتزّ (252 ـ 255 ه )، فقد غُلِب على الأمر في عهده ، وتفرّد بالتدبير صالح بن وصيف ، وهو الذي خلع المعتزّ وقتله حيث أمر الأتراك بالهجوم عليه ۳ .
وأمّا المهتدي (255 ـ 256 ه ) فقد خلعه الأتراك وهجموا على عسكره، فأسروه وقتلوه . وأمّا المقتدر (295 ـ 320 ه ) فقد بايعه الأتراك وعزلوه ، ثمّ أعادوه أكثر من مرّة.
وأما القاهر باللّه‏ (320 ـ 322 ه ) فسرعان ما خلعوه من السلطة، وسملوا عينيه بمسمار محمي حتّى سالتا على خدّيه. وكذا الراضي (322 ـ 329 ه ) ومن جاء بعده كالمتّقي (329 ـ 333ه )، والمستكفي (333 ـ 334ه ) الذي دخل البويهيّون في زمانه إلى بغداد، حيث سملت أعينهم جميعا.

۴.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ ، قَالَ :
سَمِعْتُ الرِّضَا عليه ‏السلام يَقُولُ : «صَدِيقُ كُلِّ امْرِىًء عَقْلُهُ ، وَعَدُوُّهُ جَهْلُهُ» ۴ .

۵.وَعَنْهُ، عَنْ أحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ‏ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ، قَالَ :
قُلْتُ لاِءَبِي الْحَسَنِ ۵ عليه ‏السلام : إِنَّ عِنْدَنَا قَوْماً لَهُمْ مَحَبَّةٌ وَلَيْسَتْ لَهُمْ تِلْكَ الْعَزِيمَةُ ۶ ، يَقُولُونَ بِهذَا الْقَوْلِ ، فَقَالَ عليه ‏السلام : «لَيْسَ أُولئِكَ مِمَّنْ عَاتَبَ اللّه‏ُ تَعَالى ، إِنَّمَا قَالَ اللّه‏ُ : « فَاعْتَبِرُوا يَـآأُولِى الاْءَبْصَـرِ »۷ » . ۸

6. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ 9 ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الرَّازِيِّ ، عَنْ

1.التنبيه والإشراف ، ص ۳۱۵.

2.تاريخ الطبري ، ج ۹ ، ص ۳۴۸ و۳۶۳ و۳۸۹ و ۳۹۰؛ تاريخ اليعقوبي ، ج ۲ ، ص ۴۹۹.

3.التنبيه والإشراف ، ص ۳۱۶.

4.. المحاسن ، ص۱۹۴ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح۱۲ ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن الحسن بن الجهم ، عن الرضا عليه ‏السلام عن النبيّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله . علل الشرائع ، ص ۱۰۱ ، ح ۲ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ عيون الأخبار ، ج ۲ ، ص ۲۴ ، ح۱ ، بسنده عن الحسن بن الجهم . وفيه ، ج ۱ ، ص ۲۵۸ ، ح ۱۵ ، بسند آخر . تحف العقول ، ص۴۴۳ الوافي ، ج۱ ، ص۸۱ ، ح۸ ؛ الوسائل ، ج۱۵ ، ص۲۰۵ ، ح۲۰۲۸۹.

5.. «الظاهر أنّه أبوالحسن الرضا عليه ‏السلام ، ويحتمل أباالحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام ؛ لأنّ الحسن بن الجهم يروي عنهما» . شرح المازندراني ، ج۱ ، ص۸۴ .

6.. في شرح صدر المتألّهين ، ص۲۱ : «إنّ قوما لهم محبّة» أي للأئمة صلوات اللّه‏ عليهم «وليست له تلك العزيمة» المعهودة بين الشيعة والموالي ، والرسوخ في المحبة بحيث يسهل معها بذل المهج والأولاد والأموال في طريق مودّة اُولي القربى وموالاتهم ، يقولون بهذا القول اعترافا باللسان تقليدا وتعصبا ، لا بحسب البصيرة والبرهان...اُولئك ليسوا ممّن كلّفهم اللّه‏ بهذا العرفان ، أو عاتبهم بالقصور عن دركه ، ولا من الذين عوقبوا في القيامة بعدم بلوغهم إلى نيل رتبة الموالات وحقيقة المحبّة لهم عليهم ‏السلام ؛ فإنّ المحبّة والموالات لهم فرع على المعرفة بحالهم وشأنهم ، ومعرفة أولياء اللّه‏ أمر غامض لطيف ؛ لأنّها من جنس معرفة اللّه‏ ، لابدّ فيها من فطرة صافية ، وذهن لطيف ، وطيب في الولادة ، وطهارة في النفس ، وبصيرة ثاقبة ، وعقل كامل».

7.. الحشر (۵۹) : ۲ .

8.. الوافي ، ج۱ ، ص۸۱ ، ح۹.

9.. في «و» : «أحمد بن حسّان» وهو سهو ؛ لأنّ محمّد بن حسّان هو أبو عبد اللّه‏ الرازي ، روى أحمد بن إدريس كتبه ؛ كما في رجال النجاشي ، ص۳۳۸ ، الرقم۹۰۳ ، والفهرست للطوسي ، ص۴۱۴ ، الرقم۶۲۹. وروى عنه بعنوان أبي عليّ الأشعري في عدّة من الأسناد. راجع : معجم رجال الحديث ، ج۲۱ ، ص ۴۲۵ ـ ۴۲۶. هذا ، والخبر رواه الصدوق في ثواب الأعمال ، ص۲۹ ، ح۲ ، بسنده عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان. ويبدو في بادى الرأي وقوع اختلال في أحد السندين ، من زيادة في سند ثواب الأعمال ، أو سقط في سند الكافي ، لكن هذا الاختلاف تابع لاختلاف مصادر الكليني والصدوق ؛ والظاهر أنّ الكليني أخذ الخبر من كتاب محمّد بن حسّان وأضاف إليه طريقه ، لكنّ الصدوق أخذ الخبر من كتاب نوادر الحكمة لمحمّد بن أحمد بن يحيى ، وأضاف طريقه إلى هذا الكتاب. وهذا أمر واضح لمن تتبّع أسناد كتب الشيخ الصدوق وقارنها مع أسناد الكافي.

  • نام منبع :
    الكافي ج1
    تعداد جلد :
    15
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 294575
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي