31
الكافي ج1

بِالْبَيَانِ 1 ، وَدَلَّهُمْ عَلى رُبُوبِيَّتِهِ بِالاْءَدِلَّةِ ، فَقَالَ : «وَإِلهُكُمْ إِلَهٌ واحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاواتِ وَالاْءَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِى تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللّه‏ُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الاْءَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ 2 وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالاْءَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» 3
يَا هِشَامُ ، قَدْ جَعَلَ اللّه‏ُ ذلِكَ دَلِيلاً عَلى مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُمْ مُدَبِّراً ، فَقَالَ : «وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» 4 وَقَالَ : «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاًَ ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخَاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاًَ مُسَمّىً وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» 5 وَقَالَ : (إِنَّ فِى اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللّه‏ُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الاْءَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ 6 لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) 7 وَقَالَ : «يُحْىِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الاْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» 8 وَقَالَ : «وَجَنّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِى الاُْكُلِ إِنَّ فِى ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» 9 وَقَالَ : «وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِى بِهِ الاْءَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِى ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» 10 وَقَالَ : «قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلاَ تَقْتُلُوا أوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ

الثاني : الهويّة الشخصيّة للشيخ الكلينيّ

توطئة:

هناك الكثير من الاُمور الغامضة في الحياة الشخصيّة لعباقرة الشيعة، لم تزل طرق البحث موصدة أمام اكتشافها؛ لعدم وجود ما يدلّ على تفاصيل تلك الحياة، خصوصا بعد حرق مكتبات الشيعة في القرن الخامس الهجري.
ولا يفيدنا ـ في المقام ـ علم الرجال إلّا شذرات من هنا وهناك. وأمّا علم التراجم فعلى الرغم من تأخّر نشأته، وضياع اُصوله الاُولى، لا زال إلى اليوم يفتقر إلى الاُسس الموضوعيّة التي لابدّ من مراعاتها، ولا يكفي وصول بعض مؤلّفاتهم أو كلّها لإزالة ذلك الغموض؛ لاختصاص كلّ كتاب بموضوعه؛ فكتب الحديث ـ مثلاً ـ لا تدلّنا على أصل مؤلّفيها، ولا توقفنا على عمود نِسَبِهم، ولا تاريخ ولاداتهم، أو نشأتهم، وهكذا في اُمور كثيرة اُخرى تتّصل بهويّتهم، وإن أفادت كثيرا في معرفة ثقافتهم، وفكرهم، وتوجّههم. وانطلاقا من هذه الحقائق المرّة سنحاول دراسة الهويّة الشخصيّة للكليني بتوظيف كلّ ما من شأنه أن يصوِّر لنا جانبا من تلك الهويّة ؛ لنأتي بعد ذلك على دراسة شخصيّته العلميّة وبيان ركائزها الأساسيّة، كالآتي:

أولاً ـ اسمه:

هو محمّد بن يعقوب بن إسحاق، بلا خلاف بين سائر مترجميه، إلّا من شذّ منهم من علماء العامّة، كالوارد في الكامل في التاريخ في حوادث سنة (328 ه ) حيث قال: «وفيها تُوفّي محمّد بن يعقوب، وقُتِل محمّد بن عليّ أبو جعفر الكليني، وهو من أئمّة الإماميّة، وعلمائهم» ۱۱ .

1.. في «ب» : «بالتبيان» .

2.الطبعة القدیمة للکافی : ۱/۱۴

3.. البقرة(۲) : ۱۶۳ ـ ۱۶۴ .

4.. النحل(۱۶) : ۱۲ .

5.. غافر(۴۰) : ۶۷ .

6.. هكذا في «بف ، ض» وشرح صدر المتألّهين . وفي سائر النسخ والمطبوع : + «والسحاب المسخّر بين السماء والأرض» . وفي مرآة العقول ، ج۱ ، ص۴۲ : «والظاهر أنّ التغيير من النسّاخ أو الرواة ، أو نقل بالمعنى» .

7.. إشارة إلى الآية ۵ من سورة الجاثية (۴۵) : « وَ اخْتِلَـفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَآءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الاْءَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَ تَصْرِيفِ الرِّيَـحِ ءَايَـتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ » . والظاهر أنّها نقل بالمعنى ، كما قال به العلاّمة المجلسي.

8.. الحديد (۵۷) : ۱۷ .

9.. الرعد(۱۳) : ۴ .

10.. الروم(۳۰) : ۲۴ .

11.الكامل في التاريخ ، ج ۸ ، ص ۳۶۴.


الكافي ج1
30

مِنْ شُخُوصِ ۱ الْجَاهِلِ ، وَلاَ بَعَثَ اللّه‏ نَبِيّاً وَلاَ رَسُولاً ۲ حَتّى يَسْتَكْمِلَ الْعَقْلَ ، وَيَكُونَ عَقْلُهُ أَفْضَلَ مِنْ عُقُولِ جَمِيعِ ۳ أُمَّتِهِ ، وَمَا يُضْمِرُ النَّبِيُّ فِي نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنِ اجْتِهَادِ ۴ الْمُجْتَهِدِينَ ، وَمَا أَدَّى الْعَبْدُ ۵ فَرَائِضَ اللّه‏ِ حَتّى عَقَلَ عَنْهُ ۶ ، وَلا بَلَغَ جَمِيعُ الْعَابِدِينَ فِي فَضْلِ عِبَادَتِهِمْ مَا بَلَغَ الْعَاقِلُ ، وَالْعُقَلاءُ ۷ هُمْ أُولُو الاْءَلْبَابِ الَّذِينَ قَالَ اللّه‏ُ تَعَالى : «إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الاْءَلْبَابِ۸» . ۹

۱۲.أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ۱۰الاْءَشْعَرِيُّ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا۱۱رَفَعَهُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، قَالَ :
قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليه ‏السلام : «يَا هِشَامُ ، إِنَّ اللّه‏َ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ بَشَّرَ أهْلَ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ ۱۲ : «فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللّه‏ُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الاْءَلْبَابِ»۱۳ .
يَا هِشَامُ ، إِنَّ اللّه‏َ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ أَكْمَلَ لِلنَّاسِ الْحُجَجَ بِالْعُقُولِ ، وَنَصَرَ النَّبِيِّينَ

1.. «الشخوص» هو السيْرُ من بلدٍ إلى آخر والخروج من موضع إلى غيره ، والمراد هاهنا خروجه من بلده إلى بلد آخر في سبيل اللّه‏ تعالى وطلبا لمرضاته ، كالجهاد والحجّ وتحصيل العلم . اُنظر : لسان العرب ، ج۷ ، ص۴۶ ؛ المصباح المنير ، ص۳۰۶ (شخص)؛ التعليقة للداماد ، ص۲۸، وسائر الشروح .

2.. في المحاسن : «رسولاً ولا نبيّا» .

3.. هكذا في «ح ، ش ، ض ، و ، بح ، بد ، بر ، بس ، بع ، بل ، بو ، جل ، جم» والمحاسن. وفي سائر النسخ والمطبوع : «من جميع عقول».

4.. في المحاسن : + «جميع» .

5.. في المحاسن : «وما أدّى العاقل» .

6.. في المحاسن : «منه» .

7.. في المحاسن : «إنّ العقلاء» .

8.. هكذا في القرآن : الرعد (۱۳) : ۱۹ ؛ الزمر (۳۹) : ۹ والمحاسن. وفي النسخ والمطبوع : «وما يتذكّر إلاّ أولوا الألباب». وفي سورة البقرة (۲) : ۲۶۹ ؛ وآل عمران (۳) : ۷ : «وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الاْءَلْبَـبِ».

9.. المحاسن ، ج۱ ، ص۱۹۳ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح۱۱ . تحف العقول ، ص۳۹۷ الوافي ، ج۱ ، ص۸۵ ، ح ۱۵.

10.. في «و» وحاشية «ج ، ض» : «أبو علي».

11.. في «ب» : - «عن بعض أصحابنا».

12.. في «ف» : + «تعالى» . وقد تكرّرت هذه الإضافة في نسخة «ف» فقط في مواضع كثيرة من حديث هشام بعد لفظ «قال» و«اللّه‏» .

13.. الزمر (۳۹) : ۱۷ ـ ۱۸ .

  • نام منبع :
    الكافي ج1
    تعداد جلد :
    15
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 294586
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي