35
الكافي ج1

رابعا ـ ولادته:

وسنبحثها من جهتين، وهما:
1 ـ تاريخها: لم يؤرّخ أحد ولادة الشيخ الكليني، ولهذا يتعذّر علينا معرفة مدّة عمره بالضبط . نعم ، يمكن تلمّس القرائن التي تفيدنا ـ على نحو التقريب ـ في تقدير عمره، ومن تلك القرائن:
أ ـ إنّه وُصِفَ من المجدّدين على رأس المائة الثالثة، والمجدّد لا يكون مجدّدا دون سنّ الأربعين عادة، وهذه القرينة تعني أنّ ولادته كانت في حدود سنة (260 ه ).
ب ـ إنّه حدّث في الكافي عن بعض المشايخ الذين ماتوا قبل سنة (300 ه )، كالصفّار (م 290 ه )، وأبوالحسن الجواني (م 291ه ) والهاشمي البغدادي (م 291 ه ) ، وهذه القرينة تساعد التقريب المذكور.
ج ـ إنّه كان ألمع شخصيّة إماميّة في بلاد الريّ قبل رحلته إلى بغداد ، كما يدلّ عليه قول النجاشي : «كان شيخ أصحابنا ـ في وقته ـ بالريّ ، ووجههم» . ۱ مع كثرة علماء الشيعة بالريّ في عصر الكليني، وإذا علمنا أنّه غادر الريّ إلى العراق قبل سنة (310 ه )، أمكن تقدير عمره يوم مغادرته بنحو خمسين عاما أو أقلّ منه بقليل، وهو العمر الذي يؤهّله لزعامة الإماميّة في بلاد الريّ.
د ـ إنّ غرض الكليني من تأليف الكافي هو أن يكون مرجعا للشيعة في معرفة اُصول العقيدة وفروعها وآدابها، بناء على طلب قُدِّم له في هذا الخصوص ، كما هو ظاهر من خطبة الكافي، ومثل هذا الطلب لا يوجّه إلّا لمن صَلُبَ عوده في العلم، وعرفت كفاءته، وصار قطبا يعتمد عليه في مثل هذا الأمر الخطير. وعليه، فإن قلنا بأنّ سنة (290 ه ) هي بداية الشروع في تأليف الكافي بناء على وفاة بعض مشايخه حدود هذا التاريخ، فلا أقلّ من أن يكون عمره وقت التأليف ثلاثين عاما إن لم يكن أكثر من ذلك، وهذه القرينة تقوّي ما تقدّم في تقرير ولادته في حدود سنة (260ه) أيضا .
ويستفاد ممّا تقدّم أنّ ولادته كانت في أواخر حياة الإمام العسكري عليه ‏السلام أو بعدها

1.رجال النجاشي ، ص ۳۷۷ ، الرقم ۱۰۲۶ .


الكافي ج1
34

المكانيّة المعبّرة عن تحوّله من الريّ إلى بغداد، حيث بقي فيها زهاء عشرين عاما إلى أن وافاه أجله المحتوم.

4 ـ السلسلي:

عرف الكليني رحمه‏الله بلقب (السلسلي) نسبة إلى درب السلسلة ببغداد، حيث نزل في هذا الدرب واتّخذ له مسكنا هناك، ويقع هذا الدرب في منطقة باب الكوفة ؛ أحد أبواب بغداد الأربعة، وهي تقع في الجانب الشرقي من بغداد في محلّة الكرخ.

الصنف الثاني ـ الألقاب العلميّة:

هي الألقاب التي عبّرت عن شخصيّة الكليني العلميّة، ويمكن تقسيمها إلى قسمين، هما:

القسم الأوّل ـ الألقاب العلميّة التي أطلقها عليه علماء العامّة:

وُصِفَ الكليني على لسان الكثير من علماء العامّة بأوصاف علميّة لا تقلّ عمّا وصفه به علماء الإماميّة، ومن تلك الألقاب الكثيرة لقب «المجدّد» يعني: مجدّد المذهب الإمامي على رأس المائة الثالثة.

القسم الثاني ـ الألقاب العلميّة التي أطلقها عليه علماء الإماميّة:

لمّا كان الكليني رحمه‏الله على حدّ تعبير العلماء هو : «. .. في العلم، والفقه، والحديث، والثقة، والورع، وجلالة الشأن، وعظم القدر، وعلوّ المنزلة، وسموّ الرتبة، أشهر من أن يحيط به قلم، ويستوفيه رقم» ۱ ، فلا غرو في أن يوصف بما يليق بشأنه، ولكثرة تداول بعض تلك الأوصاف صارت علما له ، مثل: «رئيس المحدّثين» الذي تردّد على لسان العلماء كثيرا ، إلّا أنّ شهرة الشيخ الصدوق بهذا اللقب جعلته ينصرف إليه عند الإطلاق، خصوصا مع قلّة استعماله بحقّ الكليني في الكتابات المعاصرة من جهة ، وغلبة لقبه العلمي الآخر عليه من جهة اُخرى ، وهو لقب «ثِقة الإسلام» الذي صار علما للكليني رحمه‏الله دون من سواه من علماء المسلمين .

1.تنقيح المقال ، ج ۳ ، ص ۲۰۲ .

  • نام منبع :
    الكافي ج1
    تعداد جلد :
    15
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 294583
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي