37
الكافي ج1

إسحاق الكليني رحمه‏اللهمن رجالات تلك القرية المشار لهم بالبنان ۱ . وأمّا اُمّه فهي امرأة جليلة فاضلة؛ حيث تلقّت تربية حسنة، وعاشت حياتها قبل زواجها في بيت من البيوتات المعروفة في تلك القرية، وهو البيت المشهور ببيت علّان.
وبمناسبة الحديث عن الاُسرة التي احتضنت ثقة الإسلام نودّ التذكير بأمرين:
أحدهما: سؤالنا القديم الذي مضى على طرحه زهاء عشرين عاما: «هل للكليني ولد»؟ ولم يزل إلى الآن بلا جواب محكم، حيث لم أجد ـ رغم التتبّع الطويل الواسع ـ ما يشير إلى النفي أو الإثبات بشكل قاطع.
والآخر: في خصوص أصل الكليني ؛ إذ لا دليل على انحداره من اُصول فارسيّة، خصوصا وأنّ اسم جدّه الأعلى ليس من أسماء الفرس، فاسم جدّ البخاري صاحب الصحيح مثلاً هو «بردزبه»، وهو من أسماء المجوسيّة، ولا يكفي الانتساب إلى كلين والولادة فيها على تثبيت الأصل الفارسي. كما لا دليل على انحدار ثقة الإسلام من اُصول عربيّة أيضا، وربّما قد يستفاد من الكافي نفسه ما يشير عن بعد إلى عدم فارسيّته، فقد روى بسنده عن محمّد بن الفيض، عن الإمام الصادق عليه ‏السلام بأنّ «النرجس من ريحان الأعاجم». ثمّ قال معقّبا: «وأخبرني بعض أصحابنا أنّ الأعاجم كانت تشمّه إن صاموا، وقالوا: إنّه يمسك الجوع» ۲ ، حيث إنّه لو كان من الأعاجم أصلاً لما احتاج إلى الرواية بنسبة شمّ الريحان إليهم، بل يؤكّده بنفسه؛ لعدم خفاء ذلك على من انحدر منهم، ولكنّه دليل ضعيف.

سادسا ـ وفاته، تاريخها ومكانها:

1 ـ تاريخ الوفاة:

اختلف العلماء في ضبط تاريخ وفاته على قولين، هما:
الأوّل ـ تحديد تاريخ الوفاة بسنة (328 ه )، قال الشيخ الطوسي في الفهرست: «توفّي محمّد بن يعقوب سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد، ودفن بباب الكوفة في

1.روضات الجنّات ، ج ۶ ، ص ۱۰۸؛ شرح اُصول الكافي ، للمظفّر ، ج ۱ ، ص ۱۳.

2.الكافي ، كتاب الصيام ، باب الطيب والريحان للصائم ، ح ۶۴۳۳ .


الكافي ج1
36

بقليل ، وأنّ عمره الشريف كان بحدود سبعين عاما.
2 ـ مكانها: الظاهر أنّ مكان ولادة الشيخ الكليني رحمه‏الله هو قرية كُلَين، وهناك جملة من القرائن القويّة الدالّة على ذلك، هي:
أ ـ النسبة إلى كلين، بلحاظ أنّ الرحلة لا تكون إلى القرى عادة، بل غالبا ما تكون من القرى إلى حواضر العلم والدين المشهورة، وعليه فنسبته إلى تلك القرية يشير إلى ولادته فيها، ونشأته الاُولى بين ربوعها لا إلى رحلته إليها كما هو واضح .
ب ـ إنّ قبر والده الشيخ يعقوب لا زال قائما إلى اليوم في قرية كلين.
ج ـ أخو الشيخ الكليني منسوب إلى كلين، وهو من مشايخ ثقة الإسلام الكليني.
د ـ اُمّ الشيخ الكليني وأخوها، وأبوها، وعمّها، وجدّها من أهل تلك القرية كما سيأتي في بيان نشأته واُسرته.
هـ ـ مشايخه الأوائل الذين تلقّى العلم عنهم كانوا من كلين، كما سيأتي في مشايخه.
وكلّ هذا ينفي القول بولادته في مكان آخر، ومنه يتبيّن خطأ الاُستاذ عبدالواحد الأنصاري بقوله: «ولد الكليني ببغداد» ۱ ، ولعلّه اشتبه بوفاته في بغداد.

خامسا ـ نشأته وتربيته، وعقبه، وأصله:

نشأ في قرية كُلَين الصغيرة، وانتسب إليها، فكان أشهر أعلامها في تاريخها القديم والمعاصر. وعاش طفولته في بيت جليل أبا واُمّا وإخوة وأخوالاً، وتلقّى علومه الاُولى من رجالات العلم والدين من أهل تلك القرية، لا سيّما من اُسرته.
ويبدو أنّ لتلك القرية ثقلاً علميّا معروفا في ذلك الحين؛ إذ خرّجت عددا من الأعلام لا زال ذكرهم يتردّد في كتب الحديث والرجال، كإبراهيم بن عثمان الكليني، وأبي رجاء الكليني، وغيرهما.
وإذا ما وقفنا على من برز من اُسرة الكليني وأخواله علمنا أنّه لم يفتح عينيه على محيط مغمور ثقافيّا، وإنّما توفّرت له في محيطه واُسرته الأسباب الكافية لأن تكون له نشأة صالحة أهّلته في أوان شبابه لأن يتفوّق على أقرانه ، فأبوه الشيخ يعقوب بن

1.أثر الشيعة الجعفريّة في تطوير الحركة الفكريّة ببغداد ، ص ۶۳ .

  • نام منبع :
    الكافي ج1
    تعداد جلد :
    15
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 345509
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي