أَبِي حَمْزَةَ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: «إِذَا مَاتَ الْمُوءْمِنُ، بَكَتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ وَبِقَاعُ 1 الاْءَرْضِ، الَّتِي كَانَ يَعْبُدُ 2 اللّهَ عَلَيْهَا، وَأَبْوَابُ السَّمَاءِ، الَّتِي كَانَ يُصْعَدُ فِيهَا بِأَعْمَالِهِ، وَثُلِمَ فِي الاْءِسْلاَمِ ثُلْمَةٌ لاَ يَسُدُّهَا شَيْءٌ؛ لاِءَنَّ الْمُوءْمِنِينَ الْفُقَهَاءَ 3 حُصُونُ الاْءِسْلاَمِ كَحِصْنِ 4 سُورِ الْمَدِينَةِ لَهَا» 5 .
حكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه السلام :
قد تجد في الأوان الأخير من يخالف سيرة علماء الشيعة، ويتشبّث بحكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه السلام ، ويستنصر لمقولة «الكافي كافٍ لشيعتنا» بعد تلطيفها! وينسب للكليني رحمهالله على أثر ذلك أشياء لا دليل عليها، فتراه يجزم تارةً بأنّ للكليني صلاتٍ وتردّدا مع السفراء الأربعة رضي اللّه تعالى عنهم، ويؤكّد تارةً اُخرى على أنّ كبار علماء الشيعة كانوا يأتون إلى الكليني ويسألونه وهو في مجالس سفراء الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف، وثالثة يتساءل: كيف لم يطلب أحد السفراء من الكليني كتابه لعرضه على الإمام عليه السلام ؟ وهلّا حظي الكافي بعناية السفراء واهتمامهم، مع أنّهم كانوا يولون العناية لما هو أقلّ شأنا من الكافي؟
وجميع هذا الكلام باطل؛
أمّا عن الصِّلات والتردّد، فاعلم أنّه لا توجد للكليني رواية واحدة في الكافي عن أيٍّ من السفراء الأربعة رضي اللّه تعالى عنهم بلا واسطة، مع أنّه استقرّ ببغداد قبل سنة (310 ه )، ودخل إلى العراق قبل سنة (290 ه )، وحدّث عن بعض مشايخ بغداد موطن السفراء .
كما أنّ ثقة الإسلام لم يُكثر من الرواية عن أيٍّ من السفراء الأربعة بالواسطة، بل لم تكن مرويّاتهم في الكتب الأربعة كثيرة، بل هي نادرة فيها جدّا، ولعلّها لا تزيد على
۷۸.وَعَنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ۶
، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ۷، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: «مَا مِنْ ۸ أَحَدٍ يَمُوتُ مِنَ الْمُوءْمِنِينَ أَحَبَّ إِلى إِبْلِيسَ مِنْ مَوْتِ فَقِيهٍ» ۹ .
1.. «بِقاع» : جمع البقعة وهي قطعة من أرض على غير الهيئة التي على جنبها . اُنظر : ترتيب كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۱۸۲ (بقع).
2.. قال المازندراني في شرحه : «الموصول مع صلته إمّا صفة للبقاع، أو صفة للأرض ، وعلى التقديرين «يعبد» إمّا مبنيّ للفاعل وفاعله: ذلك المؤمن ، أو مبنيّ للمفعول». واستبعد المجلسي البناء للمفعول في مرآة العقول .
3.. في الكافي ، ح ۴۷۵۲ والعلل وقرب الإسناد: - «الفقهاء».
4.. والكلمة ـ بقرينة تعلّق «لها» بها ـ مصدر، فهو بفتح الحاء بمعنى المنع والحرز . وقال الميرزا رفيعا في حاشيته : «الحصن ـ بضمّ الحاء ـ مصدر حصن ككرم أي منع». وفي شرح صدر المتألّهين والكافي ، ح ۴۷۵۲ : «كحصون».
5.. الكافي ، كتاب الجنائز، باب النوادر، ح ۴۷۵۲؛ وقرب الإسناد ، ص ۳۰۳ ، ح ۱۱۹۰ ، وعلل الشرائع ، ص ۴۶۲ ، ح ۲ ؛ بسند آخر عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب، مع تفاوت يسير. وفي الفقيه ، ج ۱ ، ص ۱۳۹ ، ح ۳۸۱ ، مرسلاً إلى قوله : «بأعماله » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ۱، ص ۱۴۸ ، ح ۶۳؛ الوسائل ، ج ۳، ص ۲۸۳ ، ح ۳۶۶۰.
6.. في «ب ، بر ، بس ، بف » وحاشية «ف » : «أحمد بن محمّد » .
7.. هكذا في «ش، و، بو، جح ، جر ، جل، جم» . وفي سائر النسخ والمطبوع : «الخزّاز». و ما أثبتناه هو الصواب ، كما تقدّم ذيل ح ۷۵ .
8.. في «بس» : - «من».
9.. الفقيه ، ج ۱ ، ص ۱۸۶ ، ح ۵۵۹ ، مرسلاً ؛ تفسير العيّاشي ، ج ۱ ، ص ۱۵۱ ، ح ۴۹۸ ، عن سليمان بن خالد ، مع زيادة في أوّله الوافي، ج ۱، ص ۱۴۷ ، ح ۶۱.