والْاءِنْسَ لِيَعْبُدُونِ ^۱ ، وَخَلَقْتُ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَنِي وَعَبَدَنِي ^۲ مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ رُسُلِي وَلَا أُبَالِي، وَخَلَقْتُ النَّارَ لِمَنْ كَفَرَ بِي وَعَصَانِي وَلَمْ يَتَّبِعْ رُسُلِي وَلَا أُبَالِي ، وَخَلَقْتُكَ وَخَلَقْتُ ذُرِّيَّتَكَ مِنْ غَيْرِ فَاقَةٍ ^۳ بِي إِلَيْكَ وَإِلَيْهِمْ ، وَإِنَّمَا خَلَقْتُكَ وَخَلَقْتُهُمْ لِأَبْلُوَكَ وَأَبْلُوَهُمْ أَيُّكُمْ ^۴ أَحْسَنُ عَمَلاً فِي دَارِ الدُّنْيَا فِي حَيَاتِكُمْ وَقَبْلَ مَمَاتِكُمْ، فَلِذلِكَ ^۵ خَلَقْتُ الدُّنْيَا وَالْاخِرَةَ ، وَالْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ ، وَالطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ ، وَكَذلِكَ ^۶ أَرَدْتُ فِي تَقْدِيرِي وَتَدْبِيرِي .
وَ بِعِلْمِيَ النَّافِذِ فِيهِمْ خَالَفْتُ بَيْنَ صُوَرِهِمْ وَأَجْسَامِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ وَأَعْمَارِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَمَعْصِيَتِهِمْ ^۷ ، فَجَعَلْتُ مِنْهُمُ الشَّقِيَّ وَالسَّعِيدَ ، وَالْبَصِيرَ وَالْأَعْمى ، وَالْقَصِيرَ وَالطَّوِيلَ ، وَالْجَمِيلَ وَالدَّمِيمَ ^۸ ، وَالْعَالِمَ وَالْجَاهِلَ ، وَالْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ ، وَالْمُطِيعَ وَالْعَاصِيَ ، وَالصَّحِيحَ وَالسَّقِيمَ ، وَمَنْ بِهِ ^۹ الزَّمَانَةُ ^۱۰ وَمَنْ لَا عَاهَةَ بِهِ، فَيَنْظُرُ الصَّحِيحُ إِلَى الَّذِي ^۱۱ بِهِ الْعَاهَةُ ، فَيَحْمَدُنِي عَلى عَافِيَتِهِ ^۱۲ ، وَيَنْظُرُ الَّذِي بِهِ الْعَاهَةُ إِلَى الصَّحِيحِ ، فَيَدْعُونِي وَيَسْأَلُنِي أَنْ أُعَافِيَهُ ، وَيَصْبِرُ عَلى بَلَائِي ، فَأُثِيبُهُ ^۱۳ جَزِيلَ عَطَائِي ، وَيَنْظُرُ الْغَنِيُّ إِلَى الْفَقِيرِ ، فَيَحْمَدُنِي وَيَشْكُرُنِي ، وَيَنْظُرُ الْفَقِيرُ إِلَى الْغَنِيِّ ، فَيَدْعُونِي وَيَسْأَلُنِي ، وَيَنْظُرُ الْمُؤْمِنُ إِلَى الْكَافِرِ ، فَيَحْمَدُنِي عَلى مَا هَدَيْتُهُ ^۱۴ ،

وَبَعْضَهُمْ لَهُ نُورٌ قَلِيلٌ ، وَبَعْضَهُمْ لَيْسَ لَهُ نُورٌ ^۱ ؟
فَقَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : كَذلِكَ ^۲ خَلَقْتُهُمْ لِأَبْلُوَهُمْ فِي كُلِّ حَالَاتِهِمْ.
قَالَ آدَمُ عليه السلام : يَا رَبِّ ، فَتَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ؛ فَأَتَكَلَّمَ؟
قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَكَلَّمْ؛ فَإِنَّ رُوحَكَ مِنْ رُوحِي ، وَطَبِيعَتَكَ ^۳ خِلَافُ ^۴ كَيْنُونَتِي ^۵ .
قَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ ^۶ ، فَلَوْ كُنْتَ خَلَقْتَهُمْ عَلى مِثَالٍ وَاحِدٍ ، وَقَدْرٍ وَاحِدٍ ، وَطَبِيعَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَجِبِلَّةٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَلْوَانٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَعْمَارٍ وَاحِدَةٍ، وَأَرْزَاقٍ سَوَاءٍ ، لَمْ يَبْغِ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ، وَلَمْ يَكُنْ ^۷ بَيْنَهُمْ تَحَاسُدٌ وَلَا تَبَاغُضٌ ، وَلَا اخْتِلَافٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ .
قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا آدَمُ ، بِرُوحِي ^۸ نَطَقْتَ ، وَبِضَعْفِ طَبِيعَتِكَ ^۹ تَكَلَّفْتَ ^۱۰ مَا لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ ، وَأَنَا الْخَالِقُ الْعَالِمُ ^۱۱ ، بِعِلْمِي خَالَفْتُ بَيْنَ خَلْقِهِمْ ^۱۲ ، وَبِمَشِيئَتِي يَمْضِي ^۱۳ فِيهِمْ أَمْرِي ، وَإِلى تَدْبِيرِي وَتَقْدِيرِي ^۱۴ صَائِرُونَ ، لَا ^۱۵ تَبْدِيلَ لِخَلْقِي ، إِنَّمَا ^۱۶ خَلَقْتُ الْجِنَّ