9
الكافي ج3

بَيْنَ ۱ الطِّينَتَيْنِ، فَمِنْ هذَا ۲ يَلِدُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ، وَيَلِدُ الْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ، وَمِنْ هَاهُنَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُ السَّيِّئَةَ، وَمِنْ هَاهُنَا يُصِيبُ الْكَافِرُ الْحَسَنَةَ؛ فَقُلُوبُ ۳ الْمُؤْمِنِينَ تَحِنُّ ۴ إِلى مَا خُلِقُوا مِنْهُ، وَقُلُوبُ الْكَافِرِينَ تَحِنُّ إِلى مَا خُلِقُوا مِنْهُ». ۵

1.. في الاختصاص : - «بين» .

2.. في الوافي : «ذلك» .

3.. في «ص» : «وقلوب» .

4.. «تَحِنُّ» ، أي تشتاق ؛ من الحنين ، وهو الشوق وتوقان النفس ، وأصل الحنين : ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها . راجع : الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۱۰۴ ؛ النهاية ، ج ۱ ، ص ۴۵۲ (حنن) .

5.. بصائر الدرجات ، ص ۱۵ ، ح ۵ ، بسنده عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي ، عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام؛ المحاسن ، ص ۱۳۲ ، كتاب الصفوة ، ح ۶ ، إلى قوله: «خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك»؛ علل الشرائع ، ص ۸۲ ، ح ۲ ، وفيهما بسند آخر عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي بن عبداللّه الهذلي ، عمّن ذكره ، عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام؛ وفيه ، ص ۱۱۶ ، ح ۱۳ ، بسنده عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي نعيم الهذلي ، عن رجل ؛ الاختصاص ، ص ۲۴ ، مرسلاً عن ربعي ، عن رجل الوافي ، ج ۴ ، ص ۲۵ ، ح ۱۶۴۳ . قال المحقّق الشعراني في تعليقته على شرح المازندراني ، ج ۸ ، ص ۴ : «ليس في الباب الأوّل من هذا الكتاب حديث يعتمد على إسناده ، بل جميع أخباره ضعيفة بوجه ، ولكنّ في البابين بعده أخبارا توصف بالحسن أو التوثيق ولكنّ مضامينها مخالفة لاُصول المذهب وللروايات الآتية في الباب الرابع ؛ أعني باب فطرة الخلق على التوحيد ؛ وذلك لأنّ من اُصول مذهبنا العدل واللطف وإن لم يخلق بعض الناس أقرب إلى قبول الطاعة وبعضهم أبعد ، والتبعيض في خلق المكلّفين مخالف لمقتضى العدل ؛ لأنّه تعالى سوّى التوفيق بين الوضيع والشريف ، مكّن أداء المأمور وسهّل سبيل اجتناب المحظور . وخلق بعض الناس من طينة خبيثة ، إمّا أن يكون ملزما باختيار المعصية جبرا ، وهو باطل ، وإمّا أن يكون أقرب إلى قبول المعصية ممّن خلق من طينة طيّبة ، وهو تبعيض وظلم ، وقلنا : إنّه مخالف للروايات الآتية في الباب الرابع ؛ لأنّها صريحة في أنّ اللّه تعالى خلق جميع الناس على فطرة التوحيد ، وليس في أصل خلقهم تشويه وعيب ، وإنّما العيب عارض ، وهكذا ما نرى من خلق اللّه تعالى ؛ فإنّه خلق الماء صافيا ، وإنّما يكدّره الأرض التربة . وكذلك الإنسان خلق سالما من الخبائث وأبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه . وأيضا القرآن يدلّ على أنّ جميع الناس قالوا : بلى ، في جواب «أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ» [الأعراف : ۱۷۲ ]فالأصل الذي عليه اعتقادنا أنّ جميع أفراد الناس متساوية في الخلقة بالنسبة إلى قبول الخير والشرّ ، وإنّما اختلافهم في غير ذلك ، فإن دلّت رواية على غير هذا الأصل فهو مطروح ، أو مؤوّل بوجه ، سواء علمنا وجهه ، أو لم نعلم . ومن التأويلات التي هي في معنى طرح الروايات تأويل الشارح ؛ فإنّ الروايات صريحة في أنّ الطينة مؤثّرة في صيرورة العبد سعيدا أو شقيّا ، وأوّلها الشارح بأنّها غير مؤثّرة» . وقال العلّامة المجلسي في مرآة العقول ، ج ۷ ، ص ۱۵ : «اعلم أنّ ما ذكر في هذا الباب وفي بعض الأبواب الآتية من متشابهات الأخبار ومعضلات الآثار ، وممّا يوهم الجبر ونفي الاختيار ، ولأصحابنا رضوان اللّه عليهم فيها مسالك : الأوّل : ما ذهب إليه الأخباريّون ، وهو أنّا نؤمن بها مجملاً ونعترف بالجهل عن حقيقة معناها وعن أنّها من أيّ جهة صدرت ونردّ علمها إليهم عليهم السلام . الثاني : أنّها محمولة على التقيّة ؛ لموافقتها لروايات العامّة ومذاهب الأشاعرة الجبريّة ، وهم جلّهم . الثالث : أنّها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون ؛ فإنّه سبحانه لمّا خلقهم وكان عند خلقهم عالما بما يصيرون إليه فكأنّه خلقهم من طينات مختلفة . الرابع : أنّها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابليّاتهم ، وهذا أمر بيّن لايمكن إنكاره ؛ فإنّه لايريب عاقل في أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وأباجهل ليسا في درجة واحدة من الاستعداد والقابليّة ، وهذا لا يستلزم سقوط التكليف ؛ فإنّ اللّه تعالى كلّف النبيّ صلى الله عليه و آله بقدر ما أعطاه من الاستعداد والقابليّة لتحصيل الكمالات ، وكلّفه ما لم يكلّف أحدا مثله ، وكلّف أباجهل ما في وسعه وطاقته ، ولم يجبره على شيء من الشرّ والفساد . الخامس : أنّه لمّا كلّف اللّه تعالى الأرواح أوّلاً في الذرّ وأخذ ميثاقهم فاختاروا الخير والشرّ باختيارهم في ذلك الوقت ، وتفرّع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم ، كما دلّت عليه بعض الأخبار فلا فساد في ذلك» . وقال العلّامة الطباطبائي في ذيل هذا الحديث : «الأخبار مستفيضة في أنّ اللّه تعالى خلق السعداء من طينة علّيّين من الجنّة ، وخلق الأشقياء من طينة سجّين من النار ، وكلّ يرجع إلى حكم طينته من السعادة والشقاء . وقد اُورد عليها أوّلاً بمخالفة الكتاب ، وثانيا باستلزام الجبر الباطل . أمّا البحث الأوّل فقد قال اللّه تعالى : «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن طِينٍ» [الأنعام (۶) : ۲] وقال : «وَ بَدَأَ خَلْقَ الْاءِنسَـنِ مِن طِينٍ»[السجدة (۳۲) : ۷] ، فأفاد أنّ الإنسان مخلوق من طين ، ثمّ قال تعالى: «وَ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا»الآية ، [البقرة (۲) : ۱۴۸] وقال : «مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَ لَا فِى أَنفُسِكُمْ إِلَا فِى كِتَـبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ»الآية ، [الحديد (۵۷) : ۲۲ ]فأفاد أنّ للإنسان غاية ونهاية من السعادة والشقاء ، وهو متوجّه إليها ، سائر نحوها ، وقال تعالى : «كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَــلَةُ» الآية ، [الأعراف : ۲۹ ـ ۳۰] فأفاد أنّ ما ينتهي إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاء هو ما كان عليه في بدء خلقه وقد كان في بدء خلقه طينا ، فهذه الطينة طينة سعادة وطينة شقاء . وآخر السعيد إلى الجنّة وآخر الشقيّ إلى النار ، فهما أوّلهما ؛ لكون الآخر هو الأوّل ، وحينئذ صحّ أنّ السعداء خلقوا من طينة الجنّة ، والأشقياء خلقوا من طينة النار ، وقال تعالى : «كَلَا إِنَّ كِتَـبَ الْأَبْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ وَ مَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَـبٌ مَّرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ»[المطففين (۸۳) : ۱۸ ـ ۲۱] ، «كَلَا إِنَّ كِتَـبَ الْفُجَّارِ لَفِى سِجِّينٍ وَ مَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَـبٌ مَّرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ» [المطفّفين (۸۳) : ۷ ـ ۱۰ ]الآيات ، وهي تشعر بأنّ «علّيّين» و«سجّين» ، هما ما ينتهي إليه أمر الأبرار والفجّار من النعمة والعذاب ، فافهم . وأمّا البحث الثاني ، وهو أنّ أخبار الطينة تستلزم أن تكون السعادة والشقاء لازمين حتميّين للإنسان ، ومعه لايكون أحدهما اختياريّا كسبيّا للإنسان ، وهو الجبر الباطل . والجواب عنه أنّ اقتضاء الطينة للسعادة أو الشقاء ليس من قبل نفسها ، بل من قبل حكمه تعالى وقضائه ما قضى من سعادة وشقاء ، فيرجع الإشكال إلى سبق قضاء السعادة والشقاء في حقّ الإنسان قبل أن يخلق وأنّ ذلك يستلزم الجبر . وقد ذكرنا هذا الإشكال مع جوابه في باب المشيئة والإرادة [ذيل ح ۳۸۷ ]وحاصل الجواب أنّ القضاء متعلّق بصدور الفعل عن اختيار العبد ، وهو فعل اختياريّ في عين أنّه حتميّ الوقوع ولم يتعلّق بالفعل ، سواء اختاره العبد ، أو لم يختره حتّى يلزم منه بطلان الاختيار . وأمّا شرح ما تشتمل عليه هذه الأخبار تفصيلاً فأمر خارج عن مجال هذا البيان المختصر ، فليرجع فيه إلى مطوّلات الشروح والتعاليق ، واللّه الهادي» .


الكافي ج3
8

رَجُلٍ 1 :عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام ، قَالَ: «إِنَّ 2 اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خَلَقَ النَّبِيِّينَ مِنْ طِينَةِ عِلِّيِّينَ قُلُوبَهُمْ وَأَبْدَانَهُمْ، وَخَلَقَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ 3 ، وَجَعَلَ 4 خَلْقَ أَبْدَانِ الْمُؤْمِنِينَ 5 مِنْ دُونِ ذلِكَ 6 ، وَخَلَقَ الْكُفَّارَ مِنْ طِينَةِ سِجِّينٍ 7 قُلُوبَهُمْ وَأَبْدَانَهُمْ، فَخَلَطَ

1.. الخبر رواه الصفّار في بصائر الدرجات، ص ۱۵، ح ۵ عن العبّاس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي ، عن عليّ بن الحسين عليه السلام . لكن في بعض نسخ البصائر زيادة: «عن رجل» بعد «ربعي» .

2.. في «ض» : - «إنّ» .

3.. في الوافي : «الطينة : الخلقة والجبلّة . وعلّيّين ، جمع علّيّ ، أو مفرد ويعرب بالحروف والحركات : يقال للجنّة والسماء السابعة والملائكة الحفظة الرافعين لأعمال عباد اللّه الصالحين إلى اللّه سبحانه . والمراد به أعلى الأمكنة وأشرف المراتب وأقربها من اللّه ؛ وله درجات كما يدلّ عليه ما ورد في بعض الأخبار الآتية من قولهم : «أعلى علّيّين» وكما وقع التنبيه عليه في هذا الخبر بنسبة خلق القلوب والأبدان كليهما إليه ، مع اختلافهما في الرتبة» .

4.. في «بع» والمحاسن والبصائر والعلل، ص ۸۲ و ۱۱۶ والاختصاص : - «جعل» .

5.. في العلل، ص ۸۲ والاختصاص : «أبدانهم» بدل «أبدان المؤمنين» .

6.. في «ز» : «تلك الطينة» بدل «ذلك» .

7.. «السجّين» : اسم لجهنّم بإزاء علّيّين . المفردات للراغب ، ص ۳۹۹ (سجن). وفي النهاية ، ج ۲ ، ص ۳۴۴ : «هو فِعّيل من السجن: الحبس»، وفي الوافي : «وسجّين ... يقال للنار والأرض السفلى ، والمراد به أسفل الأمكنة وأخسّ المراتب وأبعدها من اللّه سبحانه، فيشبه أن يراد به حقيقة الدنيا وباطنها التي هي مخبوءة تحت عالم الملك؛ أعني هذا العالم العنصري؛ فإنّ الأرواح مسجونة فيه ؛ ولهذا ورد في الحديث : المسجون من سجنته الدنيا عن الآخرة . وخلق أبدان الكفّار من هذا العالم ظاهر ، وإنّما نسب خلق قلوبهم إليه لشدّة ركونهم إليه وإخلادهم إلى الأرض وتثاقلهم إليها ، فكأنّه ليس لهم من الملكوت نصيب لاستغراقهم في الملك . والخلط بين الطينتين إشارة إلى تعلّق الأرواح الملكوتيّة بالأبدان العنصريّة ، بل نشؤها منها شيئا فشيئا ، فكلّ من النشأتين غلبت عليه صار من أهلها ، فيصير مؤمنا حقيقيّا ، أو كافرا حقيقيّا ، أو بين الأمرين على حسب مراتب الإيمان والكفر» . وقال المحقّق الشعراني في تعليقته على الوافي : «ظاهر هذا الكلام [فكلّ من النشأتين غلبت عليه صار من أهلها ]موجب للجبر ، وهو لا يوافق المذهب ، ويبعد كلّ البعد أن يكون مراد المصنّف ما يظهر من كلامه هذا . فإن قال قائل : إنّ الخلق من طينتين مختلفتين لا يستلزم سلب القدرة عن الطرف المخالف . قلنا : الخلق من طينة علّيّين يوجب أقربيّة مَن خلَق منها إلى الخير ، والسجّين بالعكس ، وهذا أيضا ظلم قبيح ، ومقتضى العدل واللطف الإلهي أن يخلق جميع الناس من طينة واحدة قريبة إلى الخير ، كما يدلّ عليه الآية الكريمة ، وإن خرج من خرج عن فطرته بسوء اختياره. فإن أمكن تأويل ما يخالف ذلك من الأحاديث بحيث يوافق الآية الكريمة والضروري من مذهب الإماميّة فهو ، وإلّا فهي مردودة . ونعم ما قال الفاضل محمّد صالح المازندراني : إنّ الخلق من طينتين تابع للإيمان والكفر ومسبّب عنهما ، لا العكس ؛ لأنّ اللّه تعالى علم أنّ جماعة يؤمنون باختيارهم ، سواء كانوا من طينة علّيّين أو من طينة سجّين ، فخلقهم من طينة علّيّين تشريفا لهم ، وعلم أنّ جماعة يكفرون باختيارهم ولو كانوا من طينة علّيّين ، فخلقهم من طينة سجّين توهينا وازدراءً . هذا محصّل كلامه ، ثمّ قال : وبما قرّرنا تبيّن فساد توهّم أنّ الإيمان والفضل والكمال وأضدادها تابعة لطهارة الطينة وصفائها ، وخباثة الطينة وظلمتها ؛ انتهى . فهذه الطينة عارضة على الفطرة الأصليّة على التوحيد» .

  • نام منبع :
    الكافي ج3
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    باهتمام : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    15
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 234855
الصفحه من 791
طباعه  ارسل الي