قَبْلَ خَلْقِهِ أَظِلَّةً ^۱ عَنْ يَمِينِ عَرْشِهِ» .
قَالَ : فَسَكَتَ قَتَادَةُ طَوِيلاً ، ثُمَّ قَالَ : أَصْلَحَكَ اللّهُ ، وَاللّهِ لَقَدْ جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيِ الْفُقَهَاءِ وَقُدَّامَ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَمَا اضْطَرَبَ قَلْبِي قُدَّامَ ^۲ وَاحِدٍ ^۳ مِنْهُمْ مَا ^۴ اضْطَرَبَ ^۵ قُدَّامَكَ ؟
قَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «وَيْحَكَ ^۶ ، أَ تَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ ؟ أَنْتَ ^۷ بَيْنَ يَدَيْ «بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالاْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَإِقامِ الصَّلاَةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ»^۸ فَأَنْتَ ثَمَّ ^۹ ، وَنَحْنُ أُولئِكَ» .
فَقَالَ لَهُ قَتَادَةُ : صَدَقْتَ وَاللّهِ ، جَعَلَنِيَ اللّهُ فِدَاكَ ، وَاللّهِ مَا هِيَ بُيُوتُ حِجَارَةٍ وَلاَ طِينٍ .
قَالَ قَتَادَةُ ^۱۰ : فَأَخْبِرْنِي ^۱۱ عَنِ الْجُبُنِّ .
قَالَ ^۱۲ : فَتَبَسَّمَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام ، ثُمَّ قَالَ ^۱۳ : «رَجَعَتْ مَسَائِلُكَ إِلى هذَا ؟» قَالَ : ضَلَّتْ ^۱۴ عَلَيَّ ^۱۵ ، فَقَالَ : «لاَ بَأْسَ بِهِ» .

لِي ^۱ : أَ تَعْرِفُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام ؟ فَقُلْتُ ^۲ : نَعَمْ ^۳ ، فَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : هَيَّأْتُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً أَسْأَلُهُ عَنْهَا ، فَمَا كَانَ مِنْ حَقٍّ أَخَذْتُهُ ، وَمَا كَانَ مِنْ بَاطِلٍ تَرَكْتُهُ .
قَالَ أَبُو حَمْزَةَ : فَقُلْتُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُ مَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ؟ قَالَ ^۴ : نَعَمْ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ إِذَا كُنْتَ تَعْرِفُ مَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ^۵ ؟ فَقَالَ لِي : يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ ، أَنْتُمْ قَوْمٌ مَا تُطَاقُونَ ^۶ ، إِذَا رَأَيْتَ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام فَأَخْبِرْنِي . فَمَا انْقَطَعَ كَلاَمِي ^۷ مَعَهُ ^۸ حَتّى أَقْبَلَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام وَحَوْلَهُ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَغَيْرُهُمْ يَسْأَلُونَهُ عَنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ ، فَمَضى حَتّى جَلَسَ مَجْلِسَهُ ، وَجَلَسَ الرَّجُلُ قَرِيباً مِنْهُ .
قَالَ أَبُو حَمْزَةَ : فَجَلَسْتُ حَيْثُ ^۹ أَسْمَعُ الْكَلاَمَ وَحَوْلَهُ عَالَمٌ مِنَ النَّاسِ ، فَلَمَّا قَضى حَوَائِجَهُمْ وَانْصَرَفُوا ، الْتَفَتَ إِلَى الرَّجُلِ ، فَقَالَ لَهُ : «مَنْ أَنْتَ» قَالَ : أَنَا قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ الْبَصْرِيُّ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «أَنْتَ فَقِيهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ؟» قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ لَهُ ^۱۰ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ ، إِنَّ اللّهَ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ خَلَقَ خَلْقاً مِنْ خَلْقِهِ ^۱۱ فَجَعَلَهُمْ حُجَجاً عَلى خَلْقِهِ ، فَهُمْ ^۱۲ أَوْتَادٌ ^۱۳ فِي أَرْضِهِ ، قُوَّامٌ بِأَمْرِهِ ، نُجَبَاءُ فِي ^۱۴ عِلْمِهِ ، اصْطَفَاهُمْ