فَانْظُرُوا إِلى هذَا الْقَصْرِ ، قَالَ : فَيَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ ، فَكُلُّهُمْ يَتَمَنَّاهُ .
قَالَ : فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللّهِ تَعَالى : يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ ^۱ ، هذَا لِكُلِّ مَنْ عَفَا عَنْ مُؤْمِنٍ ، قَالَ : فَيَعْفُونَ كُلُّهُمْ إِلَا الْقَلِيلَ ، قَالَ ^۲ : فَيَقُولُ اللّهُ ^۳ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَا يَجُوزُ إِلى جَنَّتِيَ الْيَوْمَ ظَالِمٌ ، وَلَا يَجُوزُ إِلى نَارِيَ الْيَوْمَ ^۴ ظَالِمٌ وَلِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتّى يَأْخُذَهَا مِنْهُ عِنْدَ الْحِسَابِ ؛ أَيُّهَا الْخَلَائِقُ ، اسْتَعِدُّوا لِلْحِسَابِ .
قَالَ : ثُمَّ يُخَلّى سَبِيلُهُمْ ، فَيَنْطَلِقُونَ ^۵ إِلَى الْعَقَبَةِ ، يَكْرُدُ ^۶ بَعْضُهُمْ بَعْضاً حَتّى يَنْتَهُوا إِلَى الْعَرْصَةِ ^۷ وَالْجَبَّارُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ عَلَى الْعَرْشِ ^۸ ، قَدْ نُشِرَتِ الدَّوَاوِينُ ، وَنُصِبَتِ الْمَوَازِينُ ، وَأُحْضِرَ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ وَهُمُ الْأَئِمَّةُ ، يَشْهَدُ كُلُّ إِمَامٍ ^۹ عَلى أَهْلِ عَالَمِهِ بِأَنَّهُ قَدْ قَامَ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَدَعَاهُمْ إِلى سَبِيلِ اللّهِ» .
قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ ، إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الرَّجُلِ الْكَافِرِ مَظْلِمَةٌ ، أَيَّ شَيْءٍ يَأْخُذُ ^۱۰ مِنَ الْكَافِرِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟
قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : «يُطْرَحُ عَنِ الْمُسْلِمِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ بِقَدْرِ مَا لَهُ عَلَى الْكَافِرِ ، فَيُعَذَّبُ الْكَافِرُ بِهَا ^۱۱ مَعَ عَذَابِهِ بِكُفْرِهِ عَذَاباً بِقَدْرِ مَا لِلْمُسْلِمِ قِبَلَهُ مِنْ

وَتَرْتَفِعُ ^۱ أَصْوَاتُهُمْ بِضَجِيجٍ شَدِيدٍ ، فَيَتَمَنَّوْنَ ^۲ الْمَخْلَصَ مِنْهُ بِتَرْكِ مَظَالِمِهِمْ لِأَهْلِهَا .
قَالَ : وَيَطَّلِعُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلى جَهْدِهِمْ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللّهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ يُسْمِعُ آخِرَهُمْ كَمَا يُسْمِعُ أَوَّلَهُمْ : يَا مَعْشَرَ ^۳ الْخَلَائِقِ ، أَنْصِتُوا لِدَاعِي اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى وَاسْمَعُوا ^۴ ، إِنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ يَقُولُ ^۵ : أَنَا الْوَهَّابُ ، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَوَاهَبُوا فَتَوَاهَبُوا ، وَإِنْ لَمْ تَوَاهَبُوا أَخَذْتُ لَكُمْ بِمَظَالِمِكُمْ .
قَالَ : فَيَفْرَحُونَ بِذلِكَ لِشِدَّةِ جَهْدِهِمْ وَضِيقِ مَسْلَكِهِمْ وَ تَزَاحُمِهِمْ .
قَالَ : فَيَهَبُ بَعْضُهُمْ مَظَالِمَهُمْ رَجَاءَ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِمَّا هُمْ فِيهِ ، وَيَبْقى ^۶ بَعْضُهُمْ فَيَقُولُ ^۷ : يَا رَبِّ ، مَظَالِمُنَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ نَهَبَهَا .
قَالَ : فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ : أَيْنَ رِضْوَانُ : خَازِنُ الْجِنَانِ جِنَانِ الْفِرْدَوْسِ؟ قَالَ : فَيَأْمُرُهُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يُطْلِعَ ^۸ مِنَ الْفِرْدَوْسِ قَصْراً مِنْ فِضَّةٍ ^۹ بِمَا فِيهِ مِنَ الآنِيَةِ ^۱۰ وَالْخَدَمِ ^۱۱ ، قَالَ : فَيُطْلِعُهُ عَلَيْهِمْ فِي حِفَافَةِ ^۱۲ الْقَصْرِ الْوَصَائِفُ ^۱۳ وَالْخَدَمُ .
^۱۴ قَالَ : فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ ، ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ ،