الْأَزْرَقِ ۱ .
فَقَالَ ۲ : «أَمَا إِنَّهُ وَادٍ لَيْسَ لَكَ وَلَا لِأَبِيكَ فِيهِ حَقٌّ ۳ » .
قَالَ : فَقَالَ هِشَامٌ : إِذَا كَانَ غَدا جَلَسْتُ لَكُمْ ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام وَمَعَهُ كِتَابٌ فِي كِرْبَاسَةٍ ، وَجَلَسَ لَهُمْ هِشَامٌ ، فَوَضَعَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام الْكِتَابَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلَمَّا أَنْ قَرَأَهُ قَالَ: ادْعُوا لِي ۴ جَنْدَلَ الْخُزَاعِيَّ وَعُكَّاشَةَ الضَّمْرِيَّ ۵ ـ وَكَانَا شَيْخَيْنِ قَدْ أَدْرَكَا الْجَاهِلِيَّةَ ـ فَرَمى بِالْكِتَابِ إِلَيْهِمَا ، فَقَالَ : تَعْرِفَانِ هذِهِ الْخُطُوطَ؟ قَالَا : نَعَمْ ، هذَا خَطُّ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَهذَا خَطُّ فُلَانٍ وَفُلَانٍ لِفُلَانٍ ۶ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَهذَا خَطُّ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ .
فَقَالَ هِشَامٌ : يَا أَبَا عَبْدِ اللّهِ ، ۷ أَرى خُطُوطَ أَجْدَادِي عِنْدَكُمْ؟ فَقَالَ : «نَعَمْ». قَالَ : فَقَدْ ۸ قَضَيْتُ بِالْوَلَاءِ لَكَ .
قَالَ : فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ :
إِنْ عَادَتِ الْعَقْرَبُ عُدْنَا لَهَاوَكَانَتِ النَّعْلُ لَهَا حَاضِرَةْ۹
1.في «م» : + «له» .
2.«وادي الأزرق» : هو واد بالحجاز خلف أمج إلى مكّة بميل ، وهو أفعل من الزرقة من الألوان . وقال العلّامة المازندراني : «واد وسيع كانت ترعى فيه الأنعام والأباعر» . راجع : معجم البلدان ، ج ۱ ، ص ۱۶۸ ؛ معجم ما استعجم ، ج ۱ ، ص ۱۴۶ .
3.في المرآة : «قوله عليه السلام : أما إنّه واد ليس لك ولا لأبيك فيه حق، أي وإلّا ادّعيت بعرة ذلك الوادي وأخذتها ولم تتركها . ويحتمل أن يكون اسما لواد كان بينه عليه السلام وبينه فيه أيضا منازعة ، فأجاب عليه السلام عن سفهه بكلام حقّ مفيد في الحجاج» .
4.في الوافي : «إليّ» .
5.في «م ، ن ، بح ، جت ، جد» : «الضميري» .
6.في «جت» : - «وفلان لفلان» . وفي البحار ، ج ۲۲ : «لقوم فلان» بدل «لفلان» . وفي الوافي : «لقوم» .
7.في الوافي : «يا با عبد اللّه » .
8.في «بن ، جد» والبحار ، ج ۳۱ : «قد» .
9.القائل: الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، من شعراء بني هاشم وفصحائهم المشهود لهم، عاصر الفرزدق والأحوص والحزين الكناني وعمر بن أبي ربيعة، وله معهم مساجلات شعرية مشهورة، مدح عبد الملك بن مروان، وهو أوّل هاشمي يمدح اُمويّا، و يسمّى الفضل اللهبي نسبةً إلى أبي لهب، توفّي نحو سنة ۹۵ه . (الأغاني، ج ۱۶، ص ۱۷۵ ـ ۱۹۳؛ الأعلام للزركلي، ج ۵، ص ۱۵۰؛ أعيان الشيعة، ج ۸، ص ۴۰۶).أورده المدائني والزمخشرى والعسكري وابن منظور و أبو الفرج الأصفهاني. (مجمع الأمثال، ج ۱، ص ۱۴۸؛ المستقصى، ج ۱، ص ۳۴؛ جمهرة الأمثال، ج ۱، ص ۲۸۱؛ لسان العرب، ج ۱، ص ۶۲۵؛ الأغاني، ج ۱۶، ص ۱۸۵).
شرح الغريب: عقرب: اسم رجل كان من أكثر تجّار المدينة مالاً وأنفقهم تجارةً، وأشدّهم تسويفا ومطلاً، حتّى قيل في المثل: أمطل من عقرب، وقد عامل الفضل بن عباس، فركبه من الفضل دين، وكان الفضل من ألزم الناس وأشدّهم اقتضاءً، فلمّا حلّ أجل الدين مطله عقرب، فلزم الفضل بيت عقرب زمانا يقرأ القرآن، وأقام عقرب على مطله، فقال الفضلُ قصيدةً في هجائه منها هذا البيت، ومنها أيضا: قد تجرت في سوقنا عقربٌلا مرحبا بالعقرب التاجرة
كلّ عدوّ يُتّقى مُقبلاًوعقربٌ تُخشى من الدابرة
كلّ عدوّ كيده في استهفغير مخشيّ ولا ضائرة
المناسبة: أنشده الإمام الصادق عليه السلام في احتجاجه على داود بن عليّ العبّاسي الذي خاصم الامام عليه السلام مع بني العبّاس في ولاء مولى لرسول اللّه صلى الله عليه و آله توفّي وليس له وارث، فأفحمهم الامام عليه السلام في الاحتجاج، وحكم له هشام بن عبد الملك بالولاء، فخرج الإمام عليه السلام وهو يردّد هذا البيت، لأنّ داود كان قد أغلظ له في الكلام وتعسّف في المقال.