قَالَ : فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ : لَا وَاللّهِ ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدٍ ، رُدَّ عَمَّا جَاءَ لَهُ ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزّى ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأُثِيرَتْ ۱ فِي وُجُوهِهِمُ الْبُدْنُ، فَقَالَا : مَجِيءَ مَنْ جِئْتَ؟
قَالَ : جِئْتُ لِأَطُوفَ بِالْبَيْتِ ، وَأَسْعى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَأَنْحَرَ ۲ الْبُدْنَ ، وَأُخَلِّيَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ لُحْمَانِهَا ۳ .
فَقَالَا : إِنَّ قَوْمَكَ يُنَاشِدُونَكَ اللّهَ وَالرَّحِمَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِمْ ۴ بِلَادَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ ، وَتَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ ، وَتُجَرِّيَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ» .
قَالَ : «فَأَبى عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إِلَا أَنْ يَدْخُلَهَا .
وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ عُمَرَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، إِنَّ عَشِيرَتِي قَلِيلٌ ، وَإِنِّي فِيهِمْ عَلى مَا تَعْلَمُ ، وَلكِنِّي أَدُلُّكَ عَلى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ .
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : انْطَلِقْ إِلى قَوْمِكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَبَشِّرْهُمْ بِمَا وَعَدَنِي رَبِّي مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ ، فَلَمَّا انْطَلَقَ عُثْمَانُ لَقِيَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ ، فَتَأَخَّرَ عَنِ السَّرْحِ ۵ ، فَحَمَلَ عُثْمَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَدَخَلَ عُثْمَانُ فَأَعْلَمَهُمْ ، وَكَانَتِ الْمُنَاوَشَةُ ۶ ، فَجَلَسَ
1.في الوافي : «فاُثيرت ، بالثاء المثلّثة ، أي اُزعجت واُنهضت» .
2.في «بن» : + «هذه» .
3.في «ن» : «لحماتها» .
4.في المرآة : «قوله : يناشدونك ، أي يسألونك ويقسمون عليك باللّه وبالرحم التي بينك وبينهم في أن تدخل عليهم ، أي في تركه» .
5.في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بف ، جت» والمرآة والبحار وشرح المازندراني : «السرج» . والسَرْح : المال السائم . الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۷۴ (سرح) .
6.قال ابن الأثير : «المناوشة في القتال : تداني الفريقين وأخذ بعضهم بعضا» . وقال الفيروزآبادي : «المناوشة : المناولة في القتال» . وقال العلّامة المجلسي : «أي كان المشركون في تهيأة القتال ، أي عند ذلك وقع بين المسلمين وبينهم محاربة ، كما نقل» . النهاية ، ج ۵ ، ص ۱۲۸ ؛ القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۸۲۸ (نوش) .