يُصَلّى عِنْدَهُ بِالْجَنَائِزِ ـ فَوَقَفَتْ عِنْدَهُ ، وَبَرَكَتْ ۱ وَوَضَعَتْ جِرَانَهَا ۲ عَلَى الْأَرْضِ ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُبَادِرا حَتَّى احْتَمَلَ رَحْلَهُ ، فَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَعَلِيٌّ عليه السلام مَعَهُ حَتّى بُنِيَ لَهُ مَسْجِدُهُ، وَبُنِيَتْ ۳ لَهُ مَسَاكِنُهُ وَمَنْزِلُ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَتَحَوَّلَا إِلى مَنَازِلِهِمَا» .
فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله حِينَ أَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَأَيْنَ فَارَقَهُ؟
فَقَالَ ۴ : «إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إِلى قُبَا ، فَنَزَلَ بِهِمْ يَنْتَظِرُ ۵ قُدُومَ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : انْهَضْ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَإِنَّ الْقَوْمَ قَدْ فَرِحُوا بِقُدُومِكَ وَهُمْ يَسْتَرِيثُونَ ۶ إِقْبَالَكَ إِلَيْهِمْ ، فَانْطَلِقْ بِنَا ، وَلَا تَقُمْ هاهُنَا تَنْتَظِرُ عَلِيّا ، فَمَا أَظُنُّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكَ ۷ إِلى شَهْرٍ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : كَلَا مَا أَسْرَعَهُ ، وَلَسْتُ أَرِيمُ ۸ حَتّى يَقْدَمَ ابْنُ عَمِّي وَأَخِي فِي اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَأَحَبُّ أَهْلِ بَيْتِي إِلَيَّ ، فَقَدْ وَقَانِي بِنَفْسِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .
قَالَ : «فَغَضِبَ عِنْدَ ذلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَاشْمَأَزَّ ۹ ، وَدَاخَلَهُ مِنْ ذلِكَ حَسَدٌ لِعَلِيٍّ عليه السلام ، وَكَانَ
1.«بركت» أي ألقت بَرْكها بالأرض ، وهو صدرها ، وبروك البعير : استناخه ، وهو أن يلصق صدره بالأرض . راجع : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۳۹۶ (برك) .
2.جران البعير ، بالكسر : مقدّم عنقه من مَذْبحه إلى مَنْخَره . القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۵۵۹ (جرن) .
3.هكذا في «د ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» والوافي ، ج ۳ : وفي سائر النسخ والمطبوع: «بنيت» بدون الواو .
4.في «بح» : + «له» .
5.في الوافي ، ج ۳ : «انتظر» .
6.يقال : راث رَيْثا ، من باب باع : أبطأ ، واسترثته : استبطأته وأمهلته . المصباح المنير ، ص ۲۴۷ (ريث) .
7.في البحار ، ج ۱۹ : «إليك» .
8.«لست أريم» أي لا أبرح ولا أزول من مقامي ، يقال : رام يريم ، إذا برح وزال من مكانه ، وأكثر ما يستعمل في النفي . راجع : النهاية ، ج ۲ ، ص ۲۹۰ (ريم) .
9.يقال : اشمأزّ ، أي انقبض ، واقشعرّ ، واستكبر ، ونفر . والمشمئزّ : النافر الكاره للشيء ، من الشَمْز ، وهو التقبّض ، ونفور النفس من الشيء تكرهه . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۶۲ (شمز) .