قَالَ : «وَغَضِبَ ^۱ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام عَلى فَتْحِهِ ، فَلَمَّا بَدَتْ لَهُ ^۲ سَارَةُ ـ وَكَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحُسْنِ وَالْجَمَالِ ـ قَالَ لَهُ الْعَاشِرُ : مَا هذِهِ الْمَرْأَةُ مِنْكَ؟ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : هِيَ حُرْمَتِي وَابْنَةُ خَالَتِي ، فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ : فَمَا دَعَاكَ إِلى أَنْ خَبَيْتَهَا فِي هذَا التَّابُوتِ؟ فَقَالَ ^۳ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : الْغَيْرَةُ عَلَيْهَا أَنْ يَرَاهَا أَحَدٌ . فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ : لَسْتُ أَدَعُكَ تَبْرَحُ حَتّى أُعْلِمَ الْمَلِكَ حَالَهَا ^۴ وَحَالَكَ» .
قَالَ : «فَبَعَثَ رَسُولًا إِلَى الْمَلِكِ ^۵ فَأَعْلَمَهُ ، فَبَعَثَ الْمَلِكُ رَسُولًا مِنْ قِبَلِهِ لِيَأْتُوهُ بِالتَّابُوتِ ، فَأَتَوْا ^۶ لِيَذْهَبُوا بِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : إِنِّي لَسْتُ ^۷ أُفَارِقُ التَّابُوتَ حَتّى تُفَارِقَ رُوحِي جَسَدِي ، فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ بِذلِكَ ^۸ ، فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ : أَنِ احْمِلُوهُ وَالتَّابُوتَ مَعَهُ ، فَحَمَلُوا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَ التَّابُوتَ وَجَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُ حَتّى أُدْخِلَ عَلَى الْمَلِكِ ، فَقَالَ لَهُ ^۹ الْمَلِكُ : افْتَحِ التَّابُوتَ ، فَقَالَ لَهُ ^۱۰ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنَّ فِيهِ حُرْمَتِي وَابْنَةَ ^۱۱ خَالَتِي وَأَنَا مُفْتَدٍ فَتْحَهُ بِجَمِيعِ مَا مَعِي» .
قَالَ : «فَغَضِبَ ^۱۲ الْمَلِكُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام عَلى فَتْحِهِ ، فَلَمَّا رَأى ^۱۳ سَارَةَ ، لَمْ يَمْلِكْ حِلْمُهُ سَفَهَهُ أَنْ مَدَّ ^۱۴ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِوَجْهِهِ عَنْهَا وَعَنْهُ غَيْرَةً مِنْهُ، وَقَالَ: اللّهُمَّ احْبِسْ يَدَهُ عَنْ حُرْمَتِي وَابْنَةِ خَالَتِي ، فَلَمْ تَصِلْ يَدُهُ إِلَيْهَا ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ ^۱۵

عَلَيَّ مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِي فِي بِلَادِكُمْ ، وَاخْتَصَمُوا إِلى قَاضِي نُمْرُودَ ^۱ ، فَقَضى عَلى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِمْ جَمِيعَ مَا أَصَابَ ^۲ فِي بِلَادِهِمْ ، وَقَضى عَلى أَصْحَابِ نُمْرُودَ أَنْ يَرُدُّوا عَلى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِهِ فِي بِلَادِهِمْ ، فَأُخْبِرَ ^۳ بِذلِكَ نُمْرُودُ ^۴ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخَلُّوا سَبِيلَهُ وَسَبِيلَ مَاشِيَتِهِ وَمَالِهِ وَ أَنْ يُخْرِجُوهُ ، وَقَالَ : إِنَّهُ ^۵ إِنْ بَقِيَ فِي بِلَادِكُمْ أَفْسَدَ دِينَكُمْ وَأَضَرَّ بِآلِهَتِكُمْ ، فَأَخْرَجُوا إِبْرَاهِيمَ وَلُوطا مَعَهُ ـ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمَا ـ مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَى الشَّامِ ، فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَمَعَهُ لُوطٌ ^۶ لَايُفَارِقُهُ وَسَارَةُ ^۷ ، وَقَالَ لَهُمْ ^۸ : «إِنِّى ذاهِبٌ إِلى رَبِّى سَيَهْدِينِ»^۹ يَعْنِي ^۱۰ بَيْتَ الْمَقْدِسِ .
فَتَحَمَّلَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِمَاشِيَتِهِ وَمَالِهِ ، وَعَمِلَ تَابُوتا ، وَجَعَلَ فِيهِ سَارَةَ ، وَشَدَّ عَلَيْهَا الْأَغْلَاقَ غَيْرَةً مِنْهُ عَلَيْهَا ، وَمَضى حَتّى خَرَجَ مِنْ سُلْطَانِ نُمْرُودَ ^۱۱ ، وَصَارَ إِلى سُلْطَانِ رَجُلٍ مِنَ الْقِبْطِ يُقَالُ لَهُ : عَرَارَةُ ، فَمَرَّ بِعَاشِرٍ ^۱۲ لَهُ ، فَاعْتَرَضَهُ الْعَاشِرُ لِيَعْشُرَ مَا مَعَهُ ، فَلَمَّا انْتَهى إِلَى الْعَاشِرِ وَمَعَهُ التَّابُوتُ ، قَالَ الْعَاشِرُ لِاءِبْرَاهِيمَ عليه السلام : افْتَحْ هذَا التَّابُوتَ حَتّى نَعْشُرَ مَا فِيهِ ، فَقَالَ لَهُ ^۱۳ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : قُلْ مَا شِئْتَ فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ^۱۴ حَتّى نُعْطِيَ ^۱۵ عُشْرَهُ وَلَا نَفْتَحَهُ ^۱۶ » .
قَالَ ^۱۷ : «فَأَبَى الْعَاشِرُ إِلَا فَتْحَهُ» .