فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِجَمِيعِ مَا مَعَهُ ، وَخَرَجَ الْمَلِكُ مَعَهُ يَمْشِي خَلْفَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام إِعْظَاما لِاءِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهَيْبَةً لَهُ ، فَأَوْحَى اللّهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ^۱ ـ إِلى إِبْرَاهِيمَ أَنْ قِفْ ، وَلَا تَمْشِ قُدَّامَ الْجَبَّارِ الْمُتَسَلِّطِ وَيَمْشِي هُوَ خَلْفَكَ ^۲ ، وَلكِنِ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ ، وَامْشِ خَلْفَهُ ^۳ وَعَظِّمْهُ وَهَبْهُ ، فَإِنَّهُ مُسَلَّطٌ ^۴ ، وَلَا بُدَّ مِنْ إِمْرَةٍ فِي الْأَرْضِ، بَرَّةٍ أَوْ فَاجِرَةٍ .
فَوَقَفَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، وَقَالَ لِلْمَلِكِ : امْضِ ؛ فَإِنَّ إِلهِي أَوْحى إِلَيَّ السَّاعَةَ أَنْ أُعَظِّمَكَ وَأَهَابَكَ ، وَأَنْ أُقَدِّمَكَ أَمَامِي ، وَأَمْشِيَ خَلْفَكَ إِجْلَالًا لَكَ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَوْحى إِلَيْكَ بِهذَا؟ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : نَعَمْ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَشْهَدُ أَنَّ إِلهَكَ لَرَفِيقٌ حَلِيمٌ كَرِيمٌ ، وَإِنَّكَ تُرَغِّبُنِي فِي دِينِكَ» .
قَالَ : «وَوَدَّعَهُ الْمَلِكُ ، فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام حَتّى نَزَلَ بِأَعْلَى ^۵ الشَّامَاتِ ، وَخَلَّفَ لُوطا عليه السلام فِي أَدْنَى ^۶ الشَّامَاتِ ، ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ ، قَالَ لِسَارَةَ : لَوْ شِئْتِ لَبِعْتِنِي ^۷ هَاجَرَ لَعَلَّ اللّهَ أَنْ ^۸ يَرْزُقَنَا مِنْهَا وَلَدا ، فَيَكُونَ لَنَا خَلَفا ، فَابْتَاعَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام هَاجَرَ مِنْ سَارَةَ ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَوَلَدَتْ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام » . ^۹

۱۵۳۷۷.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ جَمِيعا ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيِّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ ، قَالَ :

الْمَلِكُ : إِنَّ إِلهَكَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِي هذَا؟ فَقَالَ لَهُ : نَعَمْ ، إِنَّ إِلهِي غَيُورٌ يَكْرَهُ الْحَرَامَ ، وَهُوَ الَّذِي حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا أَرَدْتَ مِنَ الْحَرَامِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : فَادْعُ إِلهَكَ ^۱ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي ، فَإِنْ أَجَابَكَ فَلَمْ ^۲ أَعْرِضْ لَهَا ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : إِلهِي ^۳ رُدَّ عَلَيْهِ ^۴ يَدَهُ لِيَكُفَّ عَنْ حُرْمَتِي» .
قَالَ : «فَرَدَّ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهِ ^۵ يَدَهُ ، فَأَقْبَلَ الْمَلِكُ نَحْوَهَا بِبَصَرِهِ ، ثُمَّ عَادَ ^۶ بِيَدِهِ نَحْوَهَا ، فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِيمُ عَنْهُ ^۷ بِوَجْهِهِ غَيْرَةً مِنْهُ ، وَقَالَ : اللّهُمَّ احْبِسْ يَدَهُ عَنْهَا» .
قَالَ : «فَيَبِسَتْ يَدُهُ ، وَلَمْ تَصِلْ ^۸ إِلَيْهَا ، فَقَالَ الْمَلِكُ لِاءِبْرَاهِيمَ عليه السلام : إِنَّ إِلهَكَ لَغَيُورٌ ، وَإِنَّكَ لَغَيُورٌ ، فَادْعُ إِلهَكَ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي ، فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ لَمْ أَعُدْ ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : أَسْأَلُهُ ذلِكَ عَلى أَنَّكَ إِنْ عُدْتَ لَمْ تَسْأَلْنِي أَنْ أَسْأَلَهُ ، فَقَالَ لَهُ ^۹ الْمَلِكُ : نَعَمْ ، فَقَالَ ^۱۰ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : اللّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقا فَرُدَّ عَلَيْهِ يَدَهُ ^۱۱ ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ ^۱۲ يَدُهُ ، فَلَمَّا رَأى ذلِكَ الْمَلِكُ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا رَأى ، وَرَأَى الْايَةَ فِي يَدِهِ ، عَظَّمَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهَابَهُ وَأَكْرَمَهُ وَاتَّقَاهُ ، وَقَالَ لَهُ : قَدْ أَمِنْتَ مِنْ أَنْ أَعْرِضَ لَهَا أَوْ لِشَيْءٍ مِمَّا مَعَكَ ، فَانْطَلِقْ حَيْثُ شِئْتَ ، وَلكِنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ ، فَقَالَ ^۱۳ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : مَا هِيَ ^۱۴ ؟ فَقَالَ لَهُ : أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُخْدِمَهَا قِبْطِيَّةً عِنْدِي جَمِيلَةً عَاقِلَةً تَكُونُ لَهَا خَادِما ^۱۵ » .
قَالَ: «فَأَذِنَ لَهُ ^۱۶ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، فَدَعَا بِهَا، فَوَهَبَهَا لِسَارَةَ، وَهِيَ هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام ،