113
الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)

إلخ يفهم منه أنّه قبل ذلك لم يكن ظاهرا عليه سبحانه وهو البداء في العلم ولا تقولون به ؛ لأنّا نقول : هذا من باب قوله سبحانه «الْئنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا»۱ وقوله عزّ وجلّ «حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَـهِدِينَ مِنكُمْ»۲ وأمثال ذلك ، ولا يدلّ شيء منه على نفي العلم عنه سبحانه وبعد الإحاطة بما قرّره هذا الشيخ الجليل رحمه اللهيظهر أنّ ما شنّع به علينا مخالفونا من القول بالبداء ساقط عنّا عاره ، وذلك إمّا لعدم فهمهم المراد من البداء ۳ عندنا ، أوْ لأنّ المراد معاندة الحقّ والتلبيس على الجهّال والعوامّ ، فمِن تشنيعهم ما نقله [ الفاضل ] المقداد رحمه اللهمن تشنيع سليمان بن جرير أنّ أئمة الرافضة قد وضعوا لشيعتهم مقالة البداء ، فإذا أظهروا مقالاً أنّه سيكون لهم قوّة وشوكة وظهور ثمّ لا يكون الأمر على ما أظهروا قالوا : بدا للّه في ذلك . وأنت بعد إحاطتك بما تقدّم تعلم أنّ هذا ليس إلاّ للعداوة والتشنيع ، وإلاّ فلا عاقل ينسب إلى اللّه سبحانه العلم بما لم يعلمه قبل .
قال الشهرستاني في كتاب الملل والنحل في ترجمة المختارية : «البداء له معانٍ : البداء في العلم ، وهو أن يظهر له خلاف ما علم، ولا أظنّ عاقلاً يعتقد هذا الاعتقاد ، والبداء في الإرادة وهو أن يظهر له صواب على خلاف ما أراده وحكمه ، ۴ والبداء في الأمر وهو أن يأمر شيئا ۵ ثم [ يأمر ] بعده بخلافه ۶ ، فمن لم يجوّز النسخ ظنّ أنّ الأوامر المختلفة في الأوقات المختلفة متناقضة» ۷ انتهى كلامه بلفظه. ۸

1.الأنفال(۸) : ۶۶ .

2.محمّد(۴۷) : ۳۱ .

3.في النسخة كانت أولاً «بالبداء» ثم غيّر بـ «من البداء» ، أو بالعكس .

4.في المصدر : «ما أراد و حكم» .

5.في المصدر : «بشيء» .

6.في المصدر : «بخلاف ذلك» .

7.في المصدر : متناسخة .

8.الملل والنحل ، ج۱ ، ص۲۳۷ ـ ۲۳۸ وفيه سقط .


الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
112

يشاء ويعدم ۱ ما يشاء ويخلق مكانه ما يشاء ويقدّم ما شاء ويؤخّر ما شاء [ ويأمر بما شاء ]كيف شاء . فقد أقرّ بالبداء ، وما عُظّم اللّه عزّ وجلّ بشيء أفضل من الإقرار بأنّ له الخلق والأمر ، والتقديم والتأخير ، وإثبات ما لم يكوّن ۲ ، ومحو ما [ قد ]كان ، وإثبات البداء ۳ هو ردّ على اليهود ؛ لأنّهم قالوا : إنّ اللّه قد فرغ من الأمر ، فقلنا : إن اللّه كلّ يوم في شأن ، يحيي ويميت ويرزق ويفعل ما يشاء ، والبداء ليس من نَدامة ، وإنّما هو من ظهور أمر ۴
، يقول العرب : بدا لي شخص في طريقي ، أي ظهر ، وقال اللّه تعالى «وَ بَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ»۵ أي ظهر لهم ، ومتى ظهر للّه تعالى ذكْره من عبدٍ [ صلةٌ لرحمه زاد في عمره ، ومتى ظهر له منه قطيعة لرحمه نقص من عمره ، ومتى ظهر من عبدٍ ]إتيان الزنا نقص من رزقه وعمره ، ومتى ظهر له منه التعفّف عن الزنا زاد في رزقه وعمره .
ومن ذلك قول الصادق عليه السلام : «ما بدا للّه بداء كما بدا له في إسماعيل ابني» ، يقول : ما ظهر للّه أمر كما ظهر له في ابني ؛ إذ اخترمه قبلي لِيُعلم بذلك أنّه ليس بإمام بعدي .
وقد روي [ لي ] من طريق أبي الحسين الأسدي رضى الله عنه في ذلك شيء غريب ، وهو أنّه روى أنّ الصادق عليه السلامقال : «ما بدا للّه بداء كما بدا له في إسماعيل ؛ إذ أمر أباه بذَبحه ثمّ فداه بذبح عظيم» . وفي الحديث على الوجهين جميعا عندي نظر ، إلاّ أنّي أوردته لمعنى لفظ البداء؛ واللّه الموفّق للصواب» ۶ انتهى كلامه ـ زيد إكرامه ـ بألفاظه .
أقول : لا يذهبنّ معاند للحقّ إلى أنّ قوله رضى الله عنه : «ومتى ظهر للّه تعالى ذكره من عبد»

1.في النسخة : «يؤخر» .

2.في المصدر : «يكن» .

3.في المصدر : «وفي البداء» .

4.في المصدر : «هو ظهور أمر» .

5.الزمر(۳۹) : ۴۷ .

6.التوحيد ، ص۳۳۵ ـ ۳۳۶ ، باب ۵۴ ، ح ۹ ـ ۱۱ . وما بين المعقوفات منه .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الرابع
عدد المشاهدين : 104409
الصفحه من 352
طباعه  ارسل الي