إلخ يفهم منه أنّه قبل ذلك لم يكن ظاهرا عليه سبحانه وهو البداء في العلم ولا تقولون به ؛ لأنّا نقول : هذا من باب قوله سبحانه «الْئنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا»۱ وقوله عزّ وجلّ «حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَـهِدِينَ مِنكُمْ»۲ وأمثال ذلك ، ولا يدلّ شيء منه على نفي العلم عنه سبحانه وبعد الإحاطة بما قرّره هذا الشيخ الجليل رحمه اللهيظهر أنّ ما شنّع به علينا مخالفونا من القول بالبداء ساقط عنّا عاره ، وذلك إمّا لعدم فهمهم المراد من البداء ۳ عندنا ، أوْ لأنّ المراد معاندة الحقّ والتلبيس على الجهّال والعوامّ ، فمِن تشنيعهم ما نقله [ الفاضل ] المقداد رحمه اللهمن تشنيع سليمان بن جرير أنّ أئمة الرافضة قد وضعوا لشيعتهم مقالة البداء ، فإذا أظهروا مقالاً أنّه سيكون لهم قوّة وشوكة وظهور ثمّ لا يكون الأمر على ما أظهروا قالوا : بدا للّه في ذلك . وأنت بعد إحاطتك بما تقدّم تعلم أنّ هذا ليس إلاّ للعداوة والتشنيع ، وإلاّ فلا عاقل ينسب إلى اللّه سبحانه العلم بما لم يعلمه قبل .
قال الشهرستاني في كتاب الملل والنحل في ترجمة المختارية : «البداء له معانٍ : البداء في العلم ، وهو أن يظهر له خلاف ما علم، ولا أظنّ عاقلاً يعتقد هذا الاعتقاد ، والبداء في الإرادة وهو أن يظهر له صواب على خلاف ما أراده وحكمه ، ۴ والبداء في الأمر وهو أن يأمر شيئا ۵ ثم [ يأمر ] بعده بخلافه ۶ ، فمن لم يجوّز النسخ ظنّ أنّ الأوامر المختلفة في الأوقات المختلفة متناقضة» ۷ انتهى كلامه بلفظه. ۸
1.الأنفال(۸) : ۶۶ .
2.محمّد(۴۷) : ۳۱ .
3.في النسخة كانت أولاً «بالبداء» ثم غيّر بـ «من البداء» ، أو بالعكس .
4.في المصدر : «ما أراد و حكم» .
5.في المصدر : «بشيء» .
6.في المصدر : «بخلاف ذلك» .
7.في المصدر : متناسخة .
8.الملل والنحل ، ج۱ ، ص۲۳۷ ـ ۲۳۸ وفيه سقط .