وأمّا الثاني فلخلوّ الجملة المصدّرة بالماضي عن «قد» ، ولئن حمل على القليل فلا يجوز أيضا ؛ لأنّ العامل في الحال زمانه بعد الرسول عليه السلام والحال في حياته فاختلف زمان الحال وعاملها ، ولا يجوز أن تكون مقدّرة ؛ لأنّ زمانها بعد زمان عاملها وهنا بالعكس .
۰.قوله :وحظر على غيرهم [ ص4 ]
أي حرم على غير أئمّة الهدى التهجّم ، أي اقتحام ما يجهل ذلك الغير ، وعود ضمير الجمع باعتبار المعنى . «ومنعهم جحد ما لا يعلمون» ، أي حرم عليهم الإنكار لما لا اطّلاع لهم على حقيقته ولا علم لهم بوجوه حكمته ، وذلك لأمر أراده اللّه سبحانه من استنقاذ من شاء من خلقه من الفتن النازلة بهم والنازلين بها ، فالملمّات جمع ملمّة [ وهي النازلة ] و«الظلم» جمع ظلمة والمراد بها الفتن على سبيل الاستعارة ، وإضافة «ملمّات» إلى «الظلم» من قبيل إضافة الصفة إلى موصوفها . و «مغشيّات» جمع مغشيّة ، اسم مفعول من قولهم : كان فلانٌ يغشى فلانا ، إذا كان يختلف إليه . و«البهم» جمع بهمة كلقمة ولقم ، والمراد بها الفتن أيضا على سبيل الاستعارة ، إمّا لأنّها أُبهمت عن أن يهتدي للحقّ فيها ، وقيل للأمر المشكل : مبهم ؛ لأنّه أُبهم عن البيان ، وإمّا لخلوصها عن الحقّ وكونها باطلةً محضة ۱ ، ومن [ ثَمَّ ]قيل للشيء على لون واحد لا شِيَةَ فيه : بَهِيمٌ ، ومنه الليل البهيم الذي لا كواكب فيه ، والإضافة فيها كالتي قبلها .
والفرق بين المراد من الفقرتين أنّ المراد بالأُولى ما ينزل بالإنسان من الفتن والخطوب للفوز بالثواب ، أو لتمحيص الذنوب ، وبالثانية الفتن التي يأتيها الإنسان للفساد بين العباد والعتوّ في الأرض من قولهم : فلان لو سئل الفتنة لأتاها .
۰.قوله :أن يأرز كلّه [ ص 5 ]
إمّا من قولهم : ليلةٌ آرِزَةٌ ، أي باردة ، كأنّ العلم معهم برد سوقه وبطل رواجه ، وإمّا من قولهم : أَرَزَ فلانٌ يَأْرِزُ أرْزا واُرُوزا ، إذا تضامّ وتقبّض من بخله ، كأنّ العلم معهم