35
الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)

وأمّا الثاني فلخلوّ الجملة المصدّرة بالماضي عن «قد» ، ولئن حمل على القليل فلا يجوز أيضا ؛ لأنّ العامل في الحال زمانه بعد الرسول عليه السلام والحال في حياته فاختلف زمان الحال وعاملها ، ولا يجوز أن تكون مقدّرة ؛ لأنّ زمانها بعد زمان عاملها وهنا بالعكس .

۰.قوله :وحظر على غيرهم [ ص4 ]

أي حرم على غير أئمّة الهدى التهجّم ، أي اقتحام ما يجهل ذلك الغير ، وعود ضمير الجمع باعتبار المعنى . «ومنعهم جحد ما لا يعلمون» ، أي حرم عليهم الإنكار لما لا اطّلاع لهم على حقيقته ولا علم لهم بوجوه حكمته ، وذلك لأمر أراده اللّه سبحانه من استنقاذ من شاء من خلقه من الفتن النازلة بهم والنازلين بها ، فالملمّات جمع ملمّة [ وهي النازلة ] و«الظلم» جمع ظلمة والمراد بها الفتن على سبيل الاستعارة ، وإضافة «ملمّات» إلى «الظلم» من قبيل إضافة الصفة إلى موصوفها . و «مغشيّات» جمع مغشيّة ، اسم مفعول من قولهم : كان فلانٌ يغشى فلانا ، إذا كان يختلف إليه . و«البهم» جمع بهمة كلقمة ولقم ، والمراد بها الفتن أيضا على سبيل الاستعارة ، إمّا لأنّها أُبهمت عن أن يهتدي للحقّ فيها ، وقيل للأمر المشكل : مبهم ؛ لأنّه أُبهم عن البيان ، وإمّا لخلوصها عن الحقّ وكونها باطلةً محضة ۱ ، ومن [ ثَمَّ ]قيل للشيء على لون واحد لا شِيَةَ فيه : بَهِيمٌ ، ومنه الليل البهيم الذي لا كواكب فيه ، والإضافة فيها كالتي قبلها .
والفرق بين المراد من الفقرتين أنّ المراد بالأُولى ما ينزل بالإنسان من الفتن والخطوب للفوز بالثواب ، أو لتمحيص الذنوب ، وبالثانية الفتن التي يأتيها الإنسان للفساد بين العباد والعتوّ في الأرض من قولهم : فلان لو سئل الفتنة لأتاها .

۰.قوله :أن يأرز كلّه [ ص 5 ]

إمّا من قولهم : ليلةٌ آرِزَةٌ ، أي باردة ، كأنّ العلم معهم برد سوقه وبطل رواجه ، وإمّا من قولهم : أَرَزَ فلانٌ يَأْرِزُ أرْزا واُرُوزا ، إذا تضامّ وتقبّض من بخله ، كأنّ العلم معهم

1.في النسخة : «باطلاً محضا» .


الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
34

قلت : الدليل على تعيّنه قوله : «ويوحّدوه بالإلهيّة» والفِقَر التي قبلها ؛ فإنّ أوّل كلّ فقرة مقابل في آخرها بالضدّ ، وضدّ التوحيد بالإلهيّة جَعْل الشريك له ، ويلزمه منع حقّه من التوحيد ، فهو دليل عليه ، ولك أن تجعله من باب جعل الفعل مطلقا كناية عنه متعلّقا بمفعول مخصوص دلّت عليه قرينة كما قالوه في بيت البحتري :

شَجْوُ حُسّادِه وغَيْظُ عُداهُأنْ يَرَى مبصر ويَسْمَعَ واعِ .۱
فإنّا إذا أثبتنا للخلق منع الخالق لا يتصوّر إلاّ بذلك المنع الخاصّ ؛ إذ لا قدرة لهم على سواه كما أنّه إذا رأى مبصر أو سمع واعي ۲ لم ير إلاّ آثاره الحسنة ولم يسمع إلاّ أخباره الجميلة بادّعاء الشاعر .

۰.قوله :بمناهج ودواعٍ أسّس للعباد أساسها[ ص4 ]

«المناهج» جمع منهج ، وهو الطريق الواضح ، والدواعي جمع داعية بمعنى الداعي ، والتاء فيه للمبالغة كالراوية ، يقال : أبو معاذ راوية بشار ، وأبو مسلم داعية بني العبّاس ، والمراد بالمناهج والدواعي هنا الأئمّة الاثنا عشر صلوات اللّه عليهم ، وعنى بتأسيس أساس تلك المناهج ورفع أعلام منارها للعباد النصوصَ الواردة منه صلوات اللّه عليه بإمامتهم كنصبه يوم الغدير ونحوه .
حاشية أُخرى : وإنّما أرجعنا ضمير «أساسها» و«أعلامها» للمناهج والدواعي والمنار ولم نرجعه إلى سبيل الهدى وهي شريعة الإسلام ـ مع أنّ التجوّز في تأسيس الأساس ورفع الأعلام هنا أقرب منه على الأوّل ، والسبيل مؤنّث سماعي ـ لأمرين : أحدهما قرب المرجع ، والثاني أنّ جملة «أسّس» على تقدير عود الضمير إلى السبيل إمّا صفة لها ، أو حال من المستتر في «دلّهم» وفي كلٍّ مانعٌ .
أمّا الأوّل فإنّ «سبيل الهدى» معرفة فلا توصف بالجملة ، ولام «الهدى» للعهد الخارجي ، أعني شريعة الإسلام .

1.ديوان البحتري ، ج۱ ، ص۱۲۸ ، من قصيدة يمدح المعتزّ باللّه .

2.كتب فوقها في النسخة لفظة «كذا» ولعلّ الصواب : «واعٍ» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الرابع
عدد المشاهدين : 90211
الصفحه من 352
طباعه  ارسل الي