أن يستر عيوب نفسه به ويقمع دواعي هواه ويردعها بعقله لتسلم له مودّة مَن وادده ۱ وتظهر محبّته بين الخلق .
۰.قوله عليه السلام :اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده [ ص21 ح14 ]
اعلم أنّ الجهل ليس مقابلاً للعقل وإنّما هو مقابل للعلم ، ولكنّه لازم لمقابل العقل وهو عدمه وحيث لم يوضع بإزائه لفظ عبّر به عنه ولهذا سيأتي في جند العقل العلم وضدّه الجهل والشيء لا يكون من جند نفسه .
۰.قوله عليه السلام :وهو أوّل خلق من الروحانيّين [ ص21 ح14 ]
هو بضمّ الراء جمع روحانيّ وهو ما فيه روح ، و«من» ليست للبيان ، والظرف صفة لـ «خلق» ، والمعنى أنّ العقل أوّل مخلوق كائن من ذوي الأرواح ، أي منسوب إليهم ، فعلى هذا خلق العقل قبل خلق الروح ، وكذا قوله : «عن يمين العرش» صفة اُخرى له ، فالاُولى للتخصيص والثانية للتعظيم ، و«من» في «من نوره» متعلّقة بمقدّر يدلّ عليه «خلق» السابق ؛ فإنّ الفعل كما يدلّ على المصدر كذلك المصدر يدلّ على الفعل ؛ لأنّ تعلّق الجارّ إنّما هو باعتباره .
ولا يلزم من قوله : «عن يمين العرش» أن يثبت له التحيّز وهو منافٍ للتجرّد وقد أثبت أهل العلم تجرّده ؛ لأنّا نقول : قد علمتَ ممّا سبق أنّ العقل المراد هنا غير ما أثبت العلماء تجرّده ، وبالجملة بأيّ معنى كان لا يلزم كونه عن يمين العرش ؛ لأنّا قد أشرنا في أوّل الباب إلى أنّ أمثال هذا من باب التصوير والتمثيل ، فإنّه عليه السلام لمّا أراد أن يظهر شرف العقل صوّره بصورة من يجلس عن يمين الملك ولا يمين هناك ولا جلوس ، وكذا الحال في القول له : أقبل فأقبل ، وأدبر فأدبر ، وإضمار العداوة وماضاهى ذلك ؛ فإنّ المفروضات قد تتخيّل في الذهن كالمحقّقات ، وتصوّر تصويرا هو أوقع في نفس السامع وهي به آنس وله أقبل وعلى حقيقته أوقف ، ونحو