43
الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)

معانيها بغيرها ليظهر بطلان تلك الدعوى ، فنقول ومن اللّه العصمة : اعلم أنّه لم يرد بالضدّ هنا معناه المصطلح ، بل الأعمّ منه ومن مطلق التقابل ؛ بل التخالف ، فالإيمان عبارة عن التصديق بما علم مجيء النبي عليه السلام به بالضرورة ، أعني قبول النفس له والإذعان به من غير جحود ولا إباء مع الإقرار به باللسان ، والكفر عدم الإيمان عمّا من شأنه ذلك، سواء كان معه جحود أم لا ، فهما ضدّان بالمعنى المذكور وإن كان بينهما تقابل العدم والملكة اصطلاحا ، والتصديق المقابل بالجحود هو الإذعان والانقياد لأوامر اللّه سبحانه ونواهيه ولا بشرط مقارنة الإقرار باللسان له ، فتغاير الإيمان ، والجحود إنكار الشيء مع العلم به فغاير الكفر ، هذا إن حملناه على معناه المشهور ، وإن خصّصناه وزدنا مع اعتقاد إمامة الأئمّة الاثني عشر«ع» كما جاءت به الأخبار عنهم عليهم السلام فالاندفاع أظهر .
وأما الرأفة والرحمة فالرأفة أشدّ الرحمة فهي أخصّ ، والغضب ثوران القوّة السبعيّة لإرادة الانتقام ، والسخط أن لا يرى الإنسان أنعم اللّه سبحانه عليه واقعة موقعا ۱ فتغايرا .
والقصد استقامة طريق الشخص فيها [ فـ]يختصّ به من الأعمال التي لا يتعدّى أثرها إلى غيره ، والعدوان عدم تلك الاستقامة والعدل استقامة الطريق مطلقا والجور مقابله ؛ ولهذا تراهم ينسبون العدل والجور للملوك ، فغاير القصدُ العدلَ والجورُ العدوانَ .
وأمّا كِبر كعنب فهو مصدر كبر ككرم فهو كبير ويلزمه العزّ فهو ضدّ تواضع ، أي تذلّل ، وأمّا تطاول بمعنى امتدّ وارتفع وتفضّل فهو ضدّ الخضوع والانخفاض، فتغاير الكبر والتطاول لدلالة صيغة الثاني على قصد المعنى دون الأوّل، وكذا التواضع والخضوع لمثل ما ذكر .

1.في هامش النسخة : أي موضعاه «بخطه» .


الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
42

وكذا الكفر والجحود والرأفة والرحمة وجعل السخط ضدّ الرضا ، والسخط هو الغضب ، فيكون السخط ضدّ الرحمة ، والغضب ضدّ الرضا أيضا ، وجعل العدوان ضدّ القصد ، والجور ضدّ العدل ، والكبر ضدّ التواضع ، والتطاول ضد الخضوع ، والعدوان والجور واحد ، وكذا القصد والعدل ، والكبر والتطاول ، والتواضع والخضوع ، وجعل الغباوة ضدّ الفهم ، والبلادة ضدّ الشهامة ، والغباوة هي البلادة ، وجعل الإنكار ضدّ المعرفة ، والجحود ضدّ التصديق ، والمعرفة هي التصديق ، وكذا الإنكار والجحود .
ووجه التفصّي عنها : أمّا عن الأوّل والثاني فما ذكره شيخنا أبوجعفر محمّد بن الحسن [ صاحب المعالم ]طاب ثراه وهو أنّ بعض رواة هذا الحديث روى بعض ألفاظه المتقابلة بالمعنى ونقله بلفظ مرادف للفظه الأصلي ، ورواه البعض الآخر بلفظه الأصلي مع اتّفاق الكلّ على إبقاء ما يقابله على حاله ورواته بلفظه ، فحصل التكرار والزيادة ، فجمع المؤلّفون ۱ بين الروايتين على أنّهما واحدة ، وأخذه المصنّف طاب ثراه من تأليفه على حاله ، فحصل التكرار والزيادة كما ترى ، فالقنوع والتوكّل بمعنى وضدّه الحرص ، وكذا الغباوة والحمق والضدّ الفهم ، وكذا السلامة والعافية والضدّ البلاء ، فرجع الجند إلى خمسة وسبعين وسلم من التكرار .
وأمّا عن الثالث فهو أنّ المراد بالعقل هنا كيفيّة نفسانيّة شبيهة ۲ بالعصمة ينبعث عنها الانقياد لأوامر اللّه سبحانه ونواهيه في أغلب الأوقات ، فهذه الكيفيّة لم يوضع لضدّها لفظ يعبّر عنه به ، ويلزم ذلك الضدّ الجهل لا محالة فعبّر به عنه ، وحيث جعل من الجند اُريد به معناه الحقيقي فسقط عنه الإيراد المذكور .
وأمّا الجواب عن الرابع فهو موقوف على تفسير هذه الألفاظ التي اُدّعي اتّحاد

1.في النسخة : «المؤلّفين» .

2.في النسخة : «شبيه» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الرابع
عدد المشاهدين : 105374
الصفحه من 352
طباعه  ارسل الي