73
الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)

أو الامتناع اضطرار لها ، إذ ۱ المراد بالقوم ما سواه تعالى من باب تغليب العقلاء على غيرهم ؛ ولهذا قال : و«لِمَ السماء مرفوعة ، إلخ ولِمَ لا تنحدر الأرض فوق طاقتها ۲ » ، أي انحدارا زائدا على وسعها الذي خلقه اللّه فيها ، أي لو أنّ استقرارها في مكانها لم يكن عن اضطرار حكيم قاهر لما كانت في مكان بحيث تتساوى الخطوط من تحدّبها إلى مقعّر فلك القمر من جميع الجهات ، ولكان انحدارها إلى بعض الجهات وميلها إليه أشدّ ، وقوله : «ولا يتماسكان» جملة حالية من «السماء والأرض» ، أي لِمَ لا تسقط السماء ولا تنحدر الأرض حال كونهما غير متماسكين ؟ وقوله : «ولا يتماسك مَن عليها» ، أي على الأرض ، جملة معطوفة على الحالية قبلها ، ولا شك أنّه إذا سقطت السماء على الأرض وانحدرت الأرض عن مكانها لبطل نظام هذا العالم ولزالت المواسك، فلا يستقرّ على جوانب كرة الأرض شيء ، فهذا النظام وهذا التماسك ورفع السماء على نفسه مخصوصة وانحدار الأرض كذلك يدلّ على وجود صانع حكيم وقادر قديم وقاهر عليم ، تعالى ذكره وجلّ شأنه .

۰.قوله :وأومى ۳ بيده [ ص74 ح2 ]

الإيماء أن تشير برأسك أو بيدك أو بعينك وحاجبك، تقول: أَوْمَأتُ إليه، ولا تقل: أَوْمَيْتُ [ إليه]، فلعلّ ما في الحديث على ما نقل من أنّ العرب قد تقول: أَوْمَيْتُ .

۰.قوله :وتحفّظ ما استطعت من الزلل [ ص75 ح2 ]

أي احفظ نفسك من الوقوع فيما لا يَعنيك مدّة استطاعتك فـ «ما» مصدرية ، و«من الزلل» متعلّق بـ «تحفّظ» ، وقوله : «ولا يَثني ۴ عنانَك إلى استرسال» الواو فيه للاستيناف ، و«يثني» على صيغة المذكر الغائب مِن ثنيت عنانَ الدابّة إلى كذا : إذا صرفتها نحوه . و«لا» فيه نافية ، والمرفوع

1.في النسخة : «إذا» وكتب فوقها لفظة «كذا» .

2.في الكافي المطبوع : «طباقها» .

3.في الكافي المطبوع : «أومأ» .

4.في الكافي المطبوع : «ولا تثني» .


الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
72

على أن يذهبا» بأنفسهما من غير مضطرّ إلى ذلك ، فلأيّ علّة «يرجعان» ، أي يرجع كلّ واحد منهما إلى حالته الاُولى بعد ذهابه عنها «وإن كانا غير مضطرّين» ؛ بل هما مختاران في أفعالهما فلِمَ لا يتبدّلان بأن يصير الليل نهارا والنهار ليلاً؟ فدوامهما على حال واحد وثبوتهما على وتيرة دائمة يدلّ على أنّهما مضطرّين إلى ذلك غير مختارين فيه ، فإنّ أفعال المختار ربما تبدّلت بتبدّل إرادته «والذي اضطرّهما أحكم منهما وأكبر» قال صاحب الغريبين نقلاً عن ابن الأعرابي : «إنّ الحكمة عند العرب ما مُنِعَ به من الجهل». ۱ فعلى هذا معنى «أحكم منهما وأكبر» أنّه أمنع منهما من الجهل به ، فإنّه أظهر قدرته وجلى وجوده فيهما وفي كلّ شيء سواهما ، فهو سبحانه أحكم منهما وأعظم في الإرشاد إليه ، وهذا دليل قطعي وبرهان عقلي فيه انتقال من المصنوع إلى الصانع ، ومن المعلول إلى العلّة ، وهو أظهر الدليلين تعالى اللّه عن شائبة الإنكار علوّا كبيرا .

۰.قوله صلوات اللّه عليه :إن كان الدهر يذهب [ بهم ]

إلخ [ص73 ح1] أي إن قلتم يذهب بهم ، أي يعدمهم ، قيل لكم : «لِمَ لم يردّهم» ۲ ، أي يوجدهم في ذلك الوقت الذي عدمهم فيه ، أي ما الجهة المقتضية لترجيح إحدى جهتي الإمكان على الاُخرى في ذلك الوقت ، وإن قلتم : «يردّهم» ، أي يوجدهم ، قلنا : لِمَ لم يعدمهم في ذلك الوقت .
فالحاصل مطالبتكم بجهة الترجيح ، ولا إرادة ولا اختيار ، فلا ترجيح ، منه يعلم بطلان إسناد الإعدام والإيجاد معا إليه ؛ ولهذا لم يتعرّض له .
«القوم مضطرّون» الاضطرار : القهر والغلبة وإجراء الشيء على خلاف طبعه ، وذات ما سواه تعالى شأنها الإمكان ، فإخراجها عنه إلى الوجوب السابق على الوجود

1.الغريبين ، ج۲ ، ص۴۷۷ (حكم) وفيه : نقل عن ابن عَرَفَة .

2.في الكافي المطبوع : «لا يردّهم» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الرابع
عدد المشاهدين : 111188
الصفحه من 352
طباعه  ارسل الي