الحديث الحادي عشر
۰.روى في الكافي عن العدّة، عن البرقي،۱عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ ، قَالَ :«قَالَ رَسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : مَا قَسَمَ اللّه ُ لِلْعِبَادِ شَيْئا أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ ؛ فَنَوْمُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ مِنْ سَهَرِ الْجَاهِلِ ، وَإِقَامَةُ الْعَاقِلِ في بلده ۲ أَفْضَلُ مِنْ شُخُوصِ الْجَاهِلِ ، وَلَا بَعَثَ اللّه نَبِيّا وَلاَ رَسُولاً حَتّى يَسْتَكْمِلَ الْعَقْلَ ، وَيَكُونَ عَقْلُهُ أَفْضَلَ مِنْ عُقُولِ جَمِيعِ أُمَّتِهِ ، وَمَا يُضْمِرُ النَّبِيُّ فِي نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنِ اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِينَ ، وَمَا أَدَّى الْعَبْدُ فَرَائِضَ اللّه ِ حَتّى عَقَلَ عَنْهُ ، وَلا بَلَغَ جَمِيعُ الْعَابِدِينَ فِي فَضْلِ عِبَادَتِهِمْ مَا بَلَغَ الْعَاقِلُ ، وَالْعُقَلاءُ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ قَالَ اللّه ُ تبارك و تَعَالى : «وَمَا يَتَذَكَّرُ إلاّ أُولُوا الْأَلْبَابِ»۳ .
هديّة :
أعقل العقلاء هو الحجّة المعصوم، ثمّ يتفاوتون بحسب العلم بأحكام الدِّين ومعارف اليقين ۴ على ما أخبر به العاقل عن ربّ العالمين.
(شخوص الجاهل) أي خروجه من بلده إلى آخَرَ لتحصيل الثواب، كالحجّ، والجهاد، وطلب العلم.
(من اجتهاد المجتهدين) يعني في العبادة. وقد قال النبيّ صلى الله عليه و آله : «تفكّر ساعة خيرٌ من عبادة سبعين سنة» ۵ ؛ فإنّ بتفكّر العقل يقطع العبد بوجوب وجود المعصوم العاقل عن اللّه من طرقٍ منها: برهان الانحصار، وقد سبق بيانه مرارا. ۶
(ولا بلغ جميع العابدين) يعني أدنى درجة العاقل من درجات أفكاره المستقيمة أعلى من جميع درجات جميع العابدين.
والآية نقل بالمعنى، أو قراءة أهل البيت عليهم السلام أو سهو مضبوط؛ فإنّ في البقرة، وآل عمران: «وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ»۷ بالإدغام، وفي الزمر: «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ»۸ بدونه، وفي ص: «وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ»۹ بدونه باللام.
قال برهان الفضلاء:
«النبيّ»: إنسان يكلّمه اللّه بلا واسطة إنسان آخر. والمراد هنا من النبيّ: الرسول الذي يوصله اللّه إلى الرسالة بعد النبوّة.
و«الرسول»: إنسان يكلّمه اللّه بلا واسطة إنسان آخر ويرسله إلى خلقه. والمراد هنا من الرسول: رسول لا يكون نبيّا قبل رسالته، كما سيجيء تحقيقه في بيان الأوّل من الباب الثالث من كتاب الحجّة إن شاء اللّه تعالى.
وضمير «عنه» للّه ، أو للنبيّ. والمآل واحد. وعلى التقديرين تعدية «العقل» ب «عن» على تضمين معنى الأخذ. والمراد: أخذ العلم بما يحتاج إليه من المسائل برعاية الآداب الحسنة في تحصيله عن اللّه سبحانه بتوسّط الحجّة المعصوم.
وقال الفاضل الاسترآبادي بخطّه: قوله: «وما يضمر النبيّ»، المراد: مطلق النبيّ عليهم السلام . ۱۰
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله:
«ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل»؛ أي بعقله؛ فإنّ للعقل فضلاً؛ لأنّه به يحصل المعرفة واختيار الخير. ويتفرّع عليها ۱۱ الخشية، والتذلّل، والإطاعة، والانقياد، والإتيان بالحسن الجميل. وإنّما كمال العبادة بحسن التذكّر والتذلّل والخشية، وقال اللّه تعالى: «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ»۱۲ ، وقال عزَّ من قائل: «إِنَّمَا يَخْشَى اللّه َ مِنْعِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»۱۳ .
1.السند في الكافي المطبوع كذا: «عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد».
2.في الكافي المطبوع -: «في بلده».
3.في الكافي المطبوع: «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ اُو لُوا الْأَلْبَـبِ».
4.في «الف» هكذا : «بحسب العلم والعمل، والوقوف بمعارف اليقين».
5.هذه الرواية مرويّة بعباراة مختلفة. راجع تفسير روح المعاني، ج ۶ ، ص ۲۱۲، ذيل الآية ۷، سورة هود (۱۱)؛ آيات الأحكام للجرجاني، ج ۱، ص ۲۳۴؛ الكافي، ج ۲، ص ۵۴ ، باب التفكر، ح ۲؛ بحارالأنوار، ج ۶۶ ، ص ۲۹۳.
6.في «ج»: «للقطع بأنّ الأعلم بما هو الحقّ في هذا النظام العظيم إنّما هو مدبّره العليم الحكيم حتّى عقل عنه بتوسّط أنحاء العقل عنه أو العاقل عنه» بدل «من طرق منها: برهان الانحصار، وقد سبق بيانه مرارا».
7.البقرة (۲): ۲۶۹؛ آل عمران (۳): ۷.
8.الزمر (۳۹): ۹.
9.ص (۳۸): ۲۹.
10.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۸۶ .
11.في المصدر : «عليهما».
12.الزمر (۳۹)؛ الرعد (۱۳): ۱۹.
13.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۴۹؛ والآية في فاطر (۳۵): ۲۸.