531
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
530

الباب العشرون : بَابُ الْبِدَعِ وَالرَّأْيِ وَالْمَقَايِيسِ

وأحاديثه كما في الكافي إثنان وعشرون :

الحديث الأوّل

۰.روى في الكافي عَنْ الإثنين ، عَنْ الْوَشَّاءِ؛ وَالعِدَّة ، عَنْ أَحْمَدَ۱، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ جَمِيعا ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ :«خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام النَّاسَ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ ، وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ ، يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللّه ِ ، يَتَوَلّى فِيهَا رِجَالٌ رِجَالاً ، فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ ، لَمْ يَخْفَ عَلى ذِي حِجًى ، وَلَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ ، لَمْ يَكُنِ اخْتِلافٌ ، وَلكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هذَا ضِغْثٌ ، وَمِنْ هذَا ضِغْثٌ ، فَيُمْزَجَانِ فَيَجِيئَانِ مَعا ، فَهُنَالِكَ اسْتَحْوَذَ الشَّيْطَانُ عَلى أَوْلِيَائِهِ ، وَنَجَا الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللّه ِ الْحُسْنى» .

هديّة :

المراد ب «البدع» في العنوان : الرّسوم المخترعة في الدِّين، كطريقة التصوّف والرهبانيّة المبتدعة.
وب «الرأي» : الحكم والفتوى في المسائل الدينيّة من دون استناد إلى محكم من الكتاب والسنّة .
و(المقاييس) : جمع المقيوس المجعول بالإعلال مقيسا . والمراد القياسات الفقهيّة الممنوعة شرعا. أو جمع للقياس، بمعنى القياس.
و«التولّي» الاتّباع، وأخذ الرجل آخر وليّا وصاحبا له في اُموره.
(خلص) خلوصا وخالصة، كنصر : صار صالحا، وهو خالص لا غشّ فيه.
(لم يخف) على المعلوم من الخفاء، أو المجهول من الخوف. يُقال : خيف عليه من كذا .
و«الحجى» بالكسر والقصر : العقل .
و«الضّغث» بالكسر : القبضة من الحشيش المختلط رطبه بيابسه.
وما أكثر ذلك الخلط في طريقة التصوّف المحفوف كفرها وزندقتها بأشياء كثيرة من المعارف والمكارم والأخلاق الحسنة والأعمال والأقوال والأشعار والأمثال وغير ذلك من لطائف خدائع الشيطان، ومُهراء رؤسائهم في الشيطنة، وزخرفة الهذيان.
(فيمزجان فيجيئان معا) أي الباطل الخالص والحقّ الخالص .
و«الاستحواذ» الغلبة على أوليائه؛ أي الذين غلبت عليهم الشقوة وناظر إلى قوله تعالى : «لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ»۲ . والمراد بالحسنى السعادة الأزليّة .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
المراد ب «البدع» في العنوان : الأحكام التي بأهواء النفس، ويسمّى بالاعتقاد المبتدأ؛ لعدم استنادها إلى قرينة، ولا إلى أصل محكم لفروعات شتّى.
وب «الرأي» : الحكم بالظنّ الحاصل باستفراغ الوسع بلا أصل يكون محكما، وقد يُطلق عليه اسم الاجتهاد ، ولذا قد يستعمل الاجتهاد في مقابلة القياس.
و«المقاييس» : جمع مقيوس أصل مقيس، والمفرد في الجمع المكسور يردّ إلى أصله.
«بدء وقوع الفتن» بالفتح والهمز أي باعث الفتن المهلكة في الدِّين، يعني اختلافات المجتهدين ظنّا في الإفتاء والقضاء في مسائل الحلال والحرام .
و«الهوى» بالفتح والقصر، يجمع على أهواء، يعني أهواء النفس وما تحبّه وتتمنّاه من المحظورات.
«وأحكام تبتدع» على المجهول من الافتعال ك «تتّبع»، ومن قبيل العطف التفسيري .
والمراد ابتداع الأحكام، بمعنى الحكم من جهة الاعتقاد المبتدأ.
«يخالف فيها كتاب اللّه » على المجهول من المفاعلة، وناظر إلى قوله تعالى في سورة النحل : «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللّه ِ الْكَذِبَ»۳ .
و«التولّي» : تفعّل، بمعنى جعل الرجل آخر وليّا له وأولى بالتصرّف في اُموره .
و«في» في «فيها» للسببيّة، ويحتمل الظرفيّة . وعلى الأوّل المراد بالتولّي التقليد في مسائل الحلال والحرام . وعلى الثاني التقليد في تأويل الآيات البيّنات يعني المحكمات .
وقال الفاضل الاسترآبادي رحمه الله في شرح العنوان بخطّه : «البدعة» : حكم ينسب إلى اللّه تعالى لم يكن ممّا جاء به النبيّ صلى الله عليه و آله ۴ . انتهى .
أقول : أفحش البدع ما يبتدع في الدِّين بالمكر والخديعة مع تواتر المنع منه، وظهور حرمته في الشريعة كطريقة الصوفيّة القدريّة .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«البدء» إمّا بمعنى الأوّل ، أو بمعنى الابتداء .
و«الفتنة» : الامتحان والاختبار، ثمّ كثر استعماله لما يختبر به من المكروه ۵ ، ثمّ كثر استعماله بمعنى الضلال والكفر والقتال .
و«الأهواء» جمع هوى. وهوى ـ بالقصر ـ : الحُبّ المفرط في الخير والشرّ وإرادة النفس . والمعنى أنّ أوّل الفتن أهواء و«الوقوع» مقحّم، أو أوّل وقوعها وقوع الأهواء، أو ابتداء وقوع الفتن منها، أو منشأ وقوع الفتن ومبتدؤها أهواء.
«يخالف فيها كتاب اللّه » توضيح وبيان لقوله «تبتدع».
«يتولّى فيها رجال رجالاً» يُقال : تولّاه ، إذا اتّخذه وليّا. ويصحّ هنا حمل الوليّ على الحبيب، والناصر، والأولى بالتصرّف.
«ولو أنّ الباطل خلص» تفصيل لما ذكره ـ من بدء وقوع الفتن والأهواء المتّبعة والأحكام المبتدعة ـ بأنّها أوقعت الضلال بخلطها ومزجها بالحقّ، والافتتان باجتماعهما، فإنّ الباطل الخالص لا يخفى بطلانه على «ذي حجى» أي ذي عقل وفطانة. والحقّ الخالص [واحد] ۶ لا يكون به ضلال ولا اختلاف.
«ولكن يؤخذ من هذا» الباطل «ضغث» أي قبضة «ومن هذا» الحقّ «ضغث، فيمزجان فيجيئان معا» أي مقارنين، فيحصل الاشتباه ، «فهنالك» أي عند الاشتباه «استحوذ» أي غلب «الشيطان على أوليائه» أي محبّيه وأتباعه «ونجا الذين سبقت لهم من اللّه الحسنى» أي في مشيّته وقدره وقضائه . ۷

1.السند إلى هنا في الكافي المطبوع هكذا : «الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليٍّ الوشّاء؛ وعدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّدٍ».

2.النحل (۱۶) : ۹۹ ـ ۱۰۰.

3.النحل (۱۶) : ۱۱۶ .

4.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۹۶.

5.في «ب» و «ج»: - «ثمّ كثر استعماله لما يختبر به من المكروه».

6.أضفناه من المصدر.

7.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۱۹۱ ـ ۱۹۲.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 94213
صفحه از 644
پرینت  ارسال به