الباب الرابع عشر : بَابُ الْاءِرَادَةِ أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَ سَائِرِ صِفَاتِ الْفِعْلِ
وأحاديثه كما في الكافي سبعة :
الحديث الأوّل
۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنِ النَّضْرِ ،۱عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ : قُلْتُ : لَمْ يَزَلِ اللّه ُ تعالى مُرِيدا؟ قَالَ :«إِنَّ الْمُرِيدَ لَا يَكُونُ إِلَا لِمُرَادٍ مَعَهُ ، لَمْ يَزَلِ اللّه ُ عَالِما قَادِرا ، ثُمَّ أَرَادَ» .
هديّة :
في بعض النسخ : «إلّا المراد» بالألف واللام .
وعليهما يعني أنّ إرادة اللّه تعالى من صفات الفعل وحادثة كسائر صفات الفعل من المشيئة والرّضا والغضب وأمثالها ، كما سيبيّن إن شاء اللّه تعالى . قيل : اُريد بالإرادة هنا الإيجاد والإحداث ـ كما نصّ عليه في الثالث ـ دون الإرادة بمعنى العلم الذي هو عين ذاته سبحانه . ۲
وقال الفاضل الإسترابادي رحمه الله :
قوله : «لا يكون إلّا لمراد معه» يمكن حمل المعيّة على المعيّة في طرف الإرادة ، فحينئذٍ يجوز حمل الإرادة على ما يعمّ أقسامها الثلاثة ؛ أعني إرادته تعالى فعله ، وإرادته تعالى أفعال العباد ، وإرادة العباد أفعالهم .
ويمكن حملها على المعيّة بحسب الوجود الخارجي ، فحينئذٍ يتعيّن حمل الإرادة على فرد منها ، وهو إرادته تعالى الحتميّة المتعلّقة بفعله تعالى المشار إليها بقوله تعالى : «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» . ۳
وقال برهان الفضلاء :
«لا يكون» تامّة ، أو ناقصة بتقدير لا يكون مريدا . والاستثناء مفرّغ ، أي لا يكون لمصداق إلّا لمراده . واللام في «لمراد» للآلة ومدخولها مصداق الإرادة . و«مع» مكان واو العطف ، كاشتريت العبد مع ثيابه . ثمّ قال : والإرادة على أربعة أقسام :
الأوّل : ما هو المتعلّق بفعل المريد ، أو بفعل فعله ، أو بفعل سبب من أسباب فعله .
والثاني : ما هو المتعلّق بفعل المريد لا على النهج المذكور ، كالميل إلى فعل شيء، سواء كان مع العزم بذلك أم لا ، كما نقل في حكاية يوسف عليه السلام .
والثالث : ما هو المتعلّق بفعل الغير على نهج الطلب .
والرابع : ما هو المتعلّق بفعل الغير لا على نهج الطلب ، كمجرّد الميل إلى وقوع شيء من شيء . وهي بأقسامها حادثة .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«إنّ المريد لا يكون إلّا المراد معه» أي لا يكون المريد بحال إلّا حال كون المراد معه ، ولا يكون مفارقا عن المراد .
وحاصله : أنّ ذاته سبحانه مناط لعلمه وقدرته ؛ أي صحّة الصدور واللّا صدور ، بأن يريد فيفعل ، وأن لا يريد فيترك ، فهو بذاته مناط لصحّة الإرادة وصحّة عدمها ، فلا يكون بذاته مناطا للإرادة وعدمها ، بل المناط فيها الذات مع حال المراد . فالإرادة ، أي المخصّصة لأحد الطرفين لم يكن من صفات الذات ، فهو بذاته عالم قادر مناط لهما ، وليس بذاته مريدا مناطا لها ، بل بمدخليّة مغاير متأخّر عن الذات ، وهذا معنى قوله : «لم يزل عالما قادرا ثمّ أراد» . ۴
فردّ على القائلين بالإيجاب وقدم العالم؛ فإنّ الإرادة عندهم عبارة عن اقتضاء الطبيعة .
1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري ، عن الحسين بن سعيد الأهوازي ، عن النضر بن سويد» .
2.قاله الفيض في الوافي ج ۱ ، ص ۴۵۵ .
3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۱۸، والآية في يس (۳۶) : ۸۲ .
4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۶۷ .