185
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الباب الرابع عشر : بَابُ الْاءِرَادَةِ أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَ سَائِرِ صِفَاتِ الْفِعْلِ

وأحاديثه كما في الكافي سبعة :

الحديث الأوّل

۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنِ النَّضْرِ ،۱عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ : قُلْتُ : لَمْ يَزَلِ اللّه ُ تعالى مُرِيدا؟ قَالَ :«إِنَّ الْمُرِيدَ لَا يَكُونُ إِلَا لِمُرَادٍ مَعَهُ ، لَمْ يَزَلِ اللّه ُ عَالِما قَادِرا ، ثُمَّ أَرَادَ» .

هديّة :

في بعض النسخ : «إلّا المراد» بالألف واللام .
وعليهما يعني أنّ إرادة اللّه تعالى من صفات الفعل وحادثة كسائر صفات الفعل من المشيئة والرّضا والغضب وأمثالها ، كما سيبيّن إن شاء اللّه تعالى . قيل : اُريد بالإرادة هنا الإيجاد والإحداث ـ كما نصّ عليه في الثالث ـ دون الإرادة بمعنى العلم الذي هو عين ذاته سبحانه . ۲
وقال الفاضل الإسترابادي رحمه الله :
قوله : «لا يكون إلّا لمراد معه» يمكن حمل المعيّة على المعيّة في طرف الإرادة ، فحينئذٍ يجوز حمل الإرادة على ما يعمّ أقسامها الثلاثة ؛ أعني إرادته تعالى فعله ، وإرادته تعالى أفعال العباد ، وإرادة العباد أفعالهم .
ويمكن حملها على المعيّة بحسب الوجود الخارجي ، فحينئذٍ يتعيّن حمل الإرادة على فرد منها ، وهو إرادته تعالى الحتميّة المتعلّقة بفعله تعالى المشار إليها بقوله تعالى : «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» . ۳
وقال برهان الفضلاء :
«لا يكون» تامّة ، أو ناقصة بتقدير لا يكون مريدا . والاستثناء مفرّغ ، أي لا يكون لمصداق إلّا لمراده . واللام في «لمراد» للآلة ومدخولها مصداق الإرادة . و«مع» مكان واو العطف ، كاشتريت العبد مع ثيابه . ثمّ قال : والإرادة على أربعة أقسام :
الأوّل : ما هو المتعلّق بفعل المريد ، أو بفعل فعله ، أو بفعل سبب من أسباب فعله .
والثاني : ما هو المتعلّق بفعل المريد لا على النهج المذكور ، كالميل إلى فعل شيء، سواء كان مع العزم بذلك أم لا ، كما نقل في حكاية يوسف عليه السلام .
والثالث : ما هو المتعلّق بفعل الغير على نهج الطلب .
والرابع : ما هو المتعلّق بفعل الغير لا على نهج الطلب ، كمجرّد الميل إلى وقوع شيء من شيء . وهي بأقسامها حادثة .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«إنّ المريد لا يكون إلّا المراد معه» أي لا يكون المريد بحال إلّا حال كون المراد معه ، ولا يكون مفارقا عن المراد .
وحاصله : أنّ ذاته سبحانه مناط لعلمه وقدرته ؛ أي صحّة الصدور واللّا صدور ، بأن يريد فيفعل ، وأن لا يريد فيترك ، فهو بذاته مناط لصحّة الإرادة وصحّة عدمها ، فلا يكون بذاته مناطا للإرادة وعدمها ، بل المناط فيها الذات مع حال المراد . فالإرادة ، أي المخصّصة لأحد الطرفين لم يكن من صفات الذات ، فهو بذاته عالم قادر مناط لهما ، وليس بذاته مريدا مناطا لها ، بل بمدخليّة مغاير متأخّر عن الذات ، وهذا معنى قوله : «لم يزل عالما قادرا ثمّ أراد» . ۴
فردّ على القائلين بالإيجاب وقدم العالم؛ فإنّ الإرادة عندهم عبارة عن اقتضاء الطبيعة .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري ، عن الحسين بن سعيد الأهوازي ، عن النضر بن سويد» .

2.قاله الفيض في الوافي ج ۱ ، ص ۴۵۵ .

3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۱۸، والآية في يس (۳۶) : ۸۲ .

4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۶۷ .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
184

الحديث الثاني

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، قَالَ : فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ ـ الَّذِي سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ـ أَنَّهُ قَالَ لَهُ : أَ تَقُولُ : إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام :«هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، سَمِيعٌ بِغَيْرِ جَارِحَةٍ ، وَبَصِيرٌ بِغَيْرِ آلَةٍ ، بَلْ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ ، وَيُبْصِرُ بِنَفْسِهِ ، وَلَيْسَ قَوْلِي : إِنَّهُ سَمِيعٌ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ شَيْءٌ وَالنَّفْسُ شَيْءٌ آخَرُ ، وَلكِنِّي أَرَدْتُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِي ؛ إِذْ كُنْتُ مَسْؤُولاً ، وَإِفْهَاما لَكَ ؛ إِذْ كُنْتَ سَائِلاً ، فَأَقُولُ : يَسْمَعُ بِكُلِّهِ لَا أَنَّ كُلَّهُ لَهُ بَعْضٌ ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ لَنَا لَهُ بَعْضٌ ، ولكِنْ أَرَدْتُ إِفْهَامَكَ ، وَالتَّعْبِيرَ عَنْ نَفْسِي ، وَلَيْسَ مَرْجِعِي فِي ذلِكَ كُلِّهِ إِلَا إِلى أَنَّهُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، الْعَالِمُ الْخَبِيرُ ، بِلَا اخْتِلَافِ الذَّاتِ ، وَلَا اخْتِلَافِ مَعْنىً» .

هديّة :

قد سبق هذا الحديث بتفاوت يسير ببيانه في السادس من الباب الثاني .
قال برهان الفضلاء : لعلّ هذا التفاوت من سهو نسّاخ الكافي لعدم التفاوت سندا وحكايةً .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن العبّاس بن عمرو» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 70868
صفحه از 508
پرینت  ارسال به