الباب السادس والعشرون : بَابُ الْمَشِيئَةِ وَ الْاءِرَادَةِ
وأحاديثه كما في الكافي ستّة :
الحديث الأوّل
۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ الدَّيْلَمِيِّ ،۱عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليهماالسلام يَقُولُ :«لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَا مَا شَاءَ اللّه ُ وَأَرَادَ ، وَقَدَّرَ وَقَضى» . قُلْتُ : مَا مَعْنى «شَاءَ»؟ قَالَ : «ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ» . قُلْتُ : مَا مَعْنى «قَدَّرَ»؟ قَالَ : «تَقْدِيرُ الشَّيْءِ مِنْ طُولِهِ وَعَرْضِهِ» . قُلْتُ : مَا مَعْنى «قَضى»؟ قَالَ : «إِذَا قَضى أَمْضَاهُ ، فَذلِكَ الَّذِي لَا مَرَدَّ لَهُ» .
هديّة :
(شيء ) أي في السماوات والأرض من أفعال العباد ، أو منها و من أفعال اللّه ، كإنشاء السحاب وإنزال الغيث .
وقوله : (ابتداء الفعل) على المصدر ، أو الفعل قرينة التعميم . وقد عرفت آنفا أنّ مشيّته تعالى بالنسبة إلى أفعال العباد جعلهم قادرا على الفعل والترك بإذنه وإرادته سبحانه ، إرادة الخير ممّن يحبّه أو الشرّ ممّن يبغضه ، ثمّ التقدير وصفا ووقتا ، ثمّ الحكم والإمضاء ؛ ففي الخير بإذن منه منضمّ إلى الأمر والرّضا ، وفي الشرّ بإذن منه منضمّ إلى النهي والكراهة .
وفي محاسن البرقي بعد قوله : «قال : ابتداء الفعل » قلت : ما معنى أراد؟ قال : «الثبوت عليه » ۲ أي على الفعل أو الترك ، أو على الخير ممّن يحبّه أو الشرّ ممّن يبغضه على التفصيل من طوله وعرضه على التمثيل .
(قال : إذا قضى أمضاه ) يعني إذا قضى وأمضى ، فدلالة (فذلك الذي لا مردَّ له ). و«المردّ» من المصادر الميميّة .
قال برهان الفضلاء :
«شيء » أي من أفعال جوارح العباد . «ابتداء الفعل » يعني مشيئة العبد ابتداء قصد الفعل ، ومشيئة اللّه تدبيره فعلاً موافقا لذلك . «إذا قضى أمضاه» يعني أنّ القضاء خلقه تعالى آخر الأجزاء ، فإذا قضى بالإمضاء فلا بداء .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
«قال : ابتداء الفعل» أي المشيئة ابتداء الفعل ، أي أوّل ما يحصل من جانب الفاعل ، أو يصدر عنه ممّا يؤدّي إلى وجود المعلول . «من طوله وعرضه » أي من التحديدات والتعيينات بالأوصاف والأحوال كالطول والعرض . «إذا قضاه أمضاه» أي إذا أوجبه باستكمال الشرائط لوجوده وجميع ما يتوقّف عليه المعلول ، أوجده . «وذلك الذي لا مردَّ له» لاستحالة تخلّف المعلول عن الموجب التامّ . ۳
أقول : كأنّ النزاع بين برهان الفضلاء ـ سلّمه اللّه تعالى ـ لقوله بجواز تخلّف المعلول عن علّته التامّة كما في حدوث العالم ، وبين القائلين بامتناعه لفظيّ ، لا سيّما في صورة قول الفريقين بحدوث العالم ؛ فإنّ الوقت الأصلح له مدخل في تماميّة الفاعل باعتبار ، وبآخر ۴ لا . وإنّما قلنا في تمامية الفاعل ، ۵ أي بالاختيار ؛ لئلّا يرد عدم تخلّف النتيجة من البرهان . فتدبّر .
1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عليّ بن محمّد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن محمّد بن سليمان الديلمي» .
2.المحاسن ، ج ۱ ، ص ۲۴۴ ، ح ۲۳۷ .
3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۸۵ ـ ۴۸۶ .
4.في «ب» و «ج» : «باعتبار» مكان «بآخر» .
5.في «ب» و «ج» : - «وإنّما قلنا في تمامية الفاعل» .