الباب السابع والعشرون : بَابُ الِابْتِلَاءِ وَ الِاخْتِبَارِ
وفيه كما في الكافي حديثان :
الحديث الأوّل
۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ العبيدي ، عَنْ يُونُسَ ،۱عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّيَّارِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«مَا مِنْ قَبْضٍ وَلَا بَسْطٍ إِلَا وَلِلّهِ فِيهِ مَشِيئَةٌ وَقَضَاءٌ وَابْتِلَاءٌ» .
هديّة :
كأنّ ثقة الإسلام ـ طاب ثراه ـ وضع هذا الباب بعد سابقه ؛ لدفع شبهة نشأت من أنّ الأشياء إذا كانت لا تكون إلّا بعلمه تعالى وحكمته على ما فصّل ، فما وجه التكليف والأمر والنهي ؟ والجواب : أنّ وجه التكليف الابتلاء والامتحان ؛ يعني إتمام الحجّة «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَىَّ عَن بَيِّنَةٍ» . ۲
ولعلّ «القبض» كناية عن الخذلان لحكمته ، و«البسط» كناية عن التوفيق لحكمته . أو «القبض» عبارة عن حالة الشكّ بالوسوسة ، و«البسط» عن حالة القطع بالمسموع من الحجّة .
قال برهان الفضلاء :
لمّا ذكر في آخر الباب السابق تقويته تعالى جانب الطاعة لبعض وعدمها لآخر وفيه توهّم الجبر وعدم الامتحان التكليفي ، فوضع هذا الباب لدفع ذلك التوهّم .
والمراد ب«القبض» هنا عدم إعطاء اللّه المكلّف مقوّي الطاعة ، و«البسط» ضدّه ، يعني ما من هذا وهذا للعاصي والمطيع إلّا بمشيئته وإرادته وقَدَره وقضائه للابتلاء والاختبار . والاختصار بترك الثاني والثالث ؛ للظهور . والامتحان من اللّه سبحانه إتمام الحجّة على العباد لا استعلام الحال .
وقال بعض المعاصرين :
الابتلاء من اللّه سبحانه إظهار ما كتب لنا أو علينا في القَدَر ، وإبراز ما أودع فينا وغرز في طباعنا بالقوّة بحيث يترتّب عليه الثواب والعقاب ؛ فإنّه ما لم يخرج من القوّة إلى الفعل لم يوجد بعد وإن كان معلوما للّه سبحانه ، فلا يحصل ثمرته وتبعته اللازمتان . ۳ انتهى .
وقال الفاضل الإسترابادي :
المراد من القبض والبسط الفرح والألم ، سواء كان ورودهما بطريق ظلم أحدٍ أم لا . وقد سبق أنّ كلّ حادث مسبوق بسبعة ، وذكر هنا اثنين منهما ، إمّا بإرادة معنى أعمّ من المشيئة ، أو بالاكتفاء بالبعض . فلعلّ قصده أنّ ورود كلّ منهما على صاحبه منشأه إمّا منه أو من غيره فله في صورة الفرح وعليه في صورة الألم . ۴
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
«ما من قبض ولا بسط » أي ما من تضييق ولا توسعة إلّا قُدّر فيه مشيئة وقضاء لذلك القبض والبسط ، أو لما يؤدّي إليه ، وابتلاء واختبار لعباده .
والحديث الذي بعده كهذا الحديث إلّا أنّه خصّ بما أمر اللّه به أو نهى عنه ، ولعلّه ۵ لاختصاص الحكم به ، بل لبيان الحكم في الخاصّ وإن لم يختصّ به . ۶