الباب الثلاثون : بَابُ الْجَبْرِ وَ الْقَدَرِ وَ الْأَمْرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ
وأحاديثه كما في الكافي أربعة عشر :
الحديث الأوّل
۰.روى في الكافي ، عَنْ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمَا رَفَعُوهُ ، قَالَ :«كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام جَالِسا بِالْكُوفَةِ بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ صِفِّينَ إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ فَجَثَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ ۱ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِنَا إِلى أَهْلِ الشَّامِ ، أَ بِقَضَاءٍ مِنَ اللّه ِ وَقَدَرٍ؟ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : أَجَلْ يَا شَيْخُ ، مَا عَلَوْتُمْ تَلْعَةً وَلَا هَبَطْتُمْ بَطْنَ وَادٍ إِلَا بِقَضَاءٍ مِنَ اللّه ِ وَقَدَرٍ .
فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : عِنْدَ اللّه ِ أَحْتَسِبُ عَنَائِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ لَهُ : مَهْ يَا شَيْخُ ، فَوَ اللّه ِ ، لَقَدْ عَظَّمَ اللّه ُ لَكُمُ الْأَجْرَ فِي مَسِيرِكُمْ وَأَنْتُمْ سَائِرُونَ ، وَفِي مُقَامِكُمْ وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ ، وَفِي مُنْصَرَفِكُمْ وَأَنْتُمْ مُنْصَرِفُونَ ، وَلَمْ تَكُونُوا فِي شَيْءٍ مِنْ حَالَاتِكُمْ مُكْرَهِينَ ، وَلَا إِلَيْهِ مُضْطَرِّينَ .
فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : وَكَيْفَ لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ حَالَاتِنَا مُكْرَهِينَ ، وَلَا إِلَيْهِ مُضْطَرِّينَ ، وَكَانَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ مَسِيرُنَا وَمُنْقَلَبُنَا وَمُنْصَرَفُنَا؟!
فَقَالَ لَهُ : وَتَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ قَضَاءً حَتْما ، وَقَدَرا لَازِما ؛ إِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذلِكَ ، لَبَطَلَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ ، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالزَّجْرُ مِنَ اللّه ِ عزَّوَجَلَّ ، وَسَقَطَ مَعْنَى الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، فَلَمْ تَكُنْ ۲ لَائِمَةٌ لِلْمُذْنِبِ ، وَلَا مَحْمَدَةٌ لِلْمُحْسِنِ ، وَلَكَانَ المُذْنِبُ أَوْلى بِالْاءِحْسَانِ مِنَ الْمُحْسِنِ ، وَلَكَانَ الْمُحْسِنُ أَوْلى بِالْعُقُوبَةِ مِنَ الْمُذْنِبِ ، تِلْكَ مَقَالَةُ إِخْوَانِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ ، وَخُصَمَاءِ الرَّحْمنِ ، وَحِزْبِ الشَّيْطَانِ ، وَقَدَرِيَّةِ هذِهِ الْأُمَّةِ وَمَجُوسِهَا ، إِنَّ اللّه َ ـ عزَّوَجَلَّ ـ كَلَّفَ تَخْيِيرا ، وَنَهى تَحْذِيرا ، وَأَعْطى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيرا ، وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوبا ، وَلَمْ يُطَعْ مُكْرِها ، وَلَمْ يُمَلِّكْ مُفَوِّضا ، وَلَمْ يَخْلُقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ، وَلَمْ يَبْعَثِ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ عَبَثا «ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ» ، فَأَنْشَأَ الشَّيْخُ يَقُولُ :
أَنْتَ الْاءِمَامُ الَّذِي نَرْجُو بِطَاعَتِهِيَوْمَ النَّجَاةِ مِنَ الرَّحْمنِ غُفْرَانا
أَوْضَحْتَ مِنْ أَمْرِنَا مَا كَانَ مُلْتَبِساجَزَاكَ رَبُّكَ بِالْاءِحْسَانِ إِحْسَانا» .