67
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الباب الرابع : بَابُ أَدْنَى الْمَعْرِفَةِ

وأحاديثه كما في الكافي أربعة :

الحديث الأوّل

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنِ الْفَتْحِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ أَدْنَى الْمَعْرِفَةِ ، فَقَالَ :«الْاءِقْرَارُ بِأَنَّهُ لَا إِلهَ غَيْرُهُ ، وَلَا شِبْهَ لَهُ وَلَا نَظِيرَ ، وَأَنَّهُ قَدِيمٌ مُثْبَتٌ ، مَوْجُودٌ غَيْرُ فَقِيدٍ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» .

هديّة :

الشيخ رحمه الله ذكر (الفتح) هذا في رجاله من رجال الهادي أبي الحسن الثالث عليه السلام ، ۲ وكذا صاحب كشف الغمّة ، ۳ وذكره الصدوق رحمه الله من أصحاب الرضا أبي الحسن الثاني عليه السلام ، ۴ وقال ابن داود : الفتح بن يزيد الجرجاني صاحب المسائل لأبي الحسن عليه السلام ، واختلف هو الرِّضا عليه السلام أم الثالث عليه السلام . ۵
والمراد بـ(أدنى المعرفة) هنا : أقلّ مراتبه ، معرفة اللّه التي هي أوّل أركان الإيمان المنجي بدعائمه ، يعني أقلّ مراتبها مفصّلاً شرعا بعد نهاية مراتبها إجمالاً عقلاً .
أو المراد أعمّ من أقلّ مراتب هذه ونهاية مراتب هذه ؛ لئلّا تخلو المعرفة العقليّة ـ وهي قبل الشرعيّة ـ من نفع النجاة لصاحبها ، كما لا تخلو من ضرر العقاب على الغافل عنها . وقد عرفت آنفا أنّ النجاة أصلها إنّما هو بأقلّ مراتب الإيمان المنجي ، ويحتجّ على العباد بمراتب إجمال المعرفة العقليّة ولا ينتفع بها إلّا من لم يسمع صيّت الإسلام ومضى .
وقيل : لا يكون هذا أبدا ، بل يجب إتمام الحجّة ولو بإرسال الملك في صورة البشر .
وقال برهان الفضلاء :
«الأدنى» هنا بمعنى الأقرب ، وأقرب معرفة اللّه تعالى هي التي أعطاها اللّه المكلّفين بشواهد الربوبيّة من دون حاجتهم إلى وحي وإلهام ، وبها يحتجّ على الغافلين عنها ؛ فإنّ كلّ عقل مكلّف بها قبل معرفة الرسول وما جاء به ، ومسؤول عنها بحجّيّة العقل ، وأعلى شواهد الربوبيّة وأسناها حججه المعصومون الممتازون .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«سألته عن أدنى المعرفة» أي ما لابدّ لكلّ أحد من المكلّفين بالمعرفة ، ولا يكون بدونه من أهلها الإقرار والاعتقاد بوجود إله ؛ أي خالق مستحقّ أن يُعبد ، متفرّدٍ بالإلهيّة ، متنزّه عن الشبه ، فلا يشبه هو غيره .
أو المراد لا شبه له في استحقاق العبادة .
«ولا نظير له» أي المماثل الممانع ، فلا يشاركه غيره في مرتبته ولا يعارضه .
«وأنّه قديم» أي غير محتاج إلى علّة «مثبت» أي محكوم عليه بالثبوت والوجود لذاته «موجود» أي حقيقة عينيّة لها ما ينتزع العقل ويدركه منه من المعنى البديهي المعبّر عنه بالوجود ، أو من الوجدان ، أي معلوم .
«غير فقيد» أي غير مفقود زائل الوجود ، أو لا يفقده الطالب ، أو غير مطلوب عند الغيبة ؛ حيث لا غيبة له .
وهذا الحديث قريب ممّا روى الصدوق في كتاب التوحيد بإسناده عن ابن عبّاس، قال : جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلى الله عليه و آله فقال : يا رسول اللّه ، علّمني من غرائب العلم؟ قال : «ما صنعت في رأس العلم حتّى تسأل عن غرائبه؟» قال الرجل : ما رأس العلم يارسول اللّه ؟ قال : «معرفة اللّه حقّ معرفته» قال الأعرابيّ : وما معرفة اللّه حقّ معرفته؟ قال : «تعرفه بلا مثل ولا شبه ولا ندّ وأنّه واحد أحد ، ظاهر باطن ، أوّل آخر ، لا كفؤ له ولا نظير له ، فذلك حقّ معرفته» . ۶
وفسّر الواحديّة بالتفرّد بحسب الصفات ، والأحديّة بحسب الذات ، والظاهريّة بشدّة ظاهريّة الآثار ، وبالخفاء لشدّة الظهور ، وبعدم الغيبة عن شيء ، والباطنيّة بالخفاء لشدّة الظهور ، وبالمحجوبيّة عن درك الأفهام والأوهام ، وبالاطّلاع على البواطن والخفايا ، والأوّليّة والآخريّة بالابتدائيّة التي لا بداية لها ، وبالانتهائيّة التي لا نهاية لها .
وذكر «وأنّه ليس كمثله شيء» بعد نفي الشبه ؛ للتوضيح ، أو للتأكيد ، أو للإشارة إلى أنّ نفي الشّبه ليس مستندا إلى إدراك الذات ، بل إنّما هو مستند إلى إدراك الآثار . وكلّ من هذه الصفات ردّ على صنف من أصناف الكفّار ، وأسوأهم القدريّة لعنهم اللّه .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن الحسن ، عن عبداللّه بن الحسن العَلَوي ؛ وعليّ بن إبراهيم ، عن المختار بن محمّد بن المختار الهمداني جميعا» .

2.رجال الطوسي ، ص ۳۹۰ ، الرقم ۵۷۴۱ ، وذكره في ص ۴۳۶ ، الرقم ۶۲۳۹ بهذا العنوان أيضا في باب ذكر أسماء من لم يرو عن واحد من الأئمّة عليهم السلام .

3.كشف الغمّة ، ج ۳ ، ص ۱۷۹ .

4.التوحيد، ص ۵۶، ح ۱۴؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲، ص ۱۱۷، ح ۲۳.

5.رجال ابن داود ، ص ۲۶۶ ، الرقم ۳۸۹ .

6.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۲۸۶ ـ ۲۸۷؛ والحديث في التوحيد ، ص ۲۸۴ ، باب أدنى ما يجزئ من معرفة التوحيد ، ح ۵ .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
66
  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 94212
صفحه از 508
پرینت  ارسال به