باب كراهية الركوب مع الجنازة

في المنتهى: «يكره الركوب مع الجنائز، وهو قول العلماء كافّة». ^۱ وحكى طاب ثراه أيضاً عن القرطبي أنّه قال : «العلماء كرهوا الركوب في تشييعها، وذكروا فيه حديثاً». ^۲
ويدلّ عليه زائدا على ما رواه المصنّف ما رواه أبو داود من طرق العامّة، قال : واُتي يعني النبيّ صلى الله عليه و آله بدابّة وهو مع جنازة، فأبى أن يركبها، فلمّا انصرف اُتي بها، فركبها، فقيل له في ذلك: فقال : «إنّ الملائكة كانت تمشي معي، فلم أكن لأركب وهم يمشون». ^۳
وفي حديث ثوبان أيضاً على ما رواه الترمذي ـ: خرجنا معه في جنازة، فرأى ناساً ركباناً فقال : «ألا تستحيون أنّ الملائكة على أقدامها وأنتم على ظهور الدوّاب». ^۴
ونقل في الذكرى عن ابن الجنيد أنّه قال : «لا يركب صاحب الجنازة ولا أهله ولا اخوان الميّت». ^۵ وظاهره تخصيص النهي عنه بهؤلاء كما هو ظاهر «الصاحب» في مرسلة ابن أبي عمير، ^۶ ولأنّ مشيهم من الأداب رعاية للمشيّعين المشاة، والأظهر عموم الكراهة وتأكّدها في هؤلاء، ولا ريب أنّ الكراهة إنّما هي في حال الاختيار دون العذر من المشي.
قوله في صحيحة عبد الرحمن: (إنّي لأكره أن أركب والملائكة يمشون) . [ح 2 / 4456] قال طاب ثراه:
استدلّ العلّامة في المنتهى بهذا الخبر على الكراهة، ^۷ وردّه الفاضل الأردبيلي بأنّه أخصّ من المدّعى، ^۸ ولعلّ وجه ذلك أنّه احتمل اختصاص الحكم بالنبيّ صلى الله عليه و آله بل بخصوص تلك الجنازة؛ لاحتمال اختصاص مشي الملائكة معها بها .
والجواب: أنّ الاستدلال ظاهر، والظاهر عموم ما كرّهه النبيّ صلى الله عليه و آله على نفسه إلى أن يعلم الاختصاص، ومشي الملائكة غير مختصّ بتلك الجنازة كما هو ظاهر بعض ما ذكر من الأخبار.