باب الصلاة على الناصب
المراد بالناصب في هذا المقام مطلق المخالف للحقّ وإن كان محبّاً لأهل البيت عليهم السلام كما اختاره جماعة منهم الشهيد في الدروس، ۱ ويشعر به قوله عليه السلام : «إن كان جاحدا للحقّ» في حسنة محمّد بن مسلم. ۲ ويحتمل إرادة مبغض أهل البيت عليهم السلام كما اختاره في الذكرى؛ ۳ لقوله عليه السلام : «ويبغض أهل بيت نبيّك». في أخبار عامر بن السمط ۴ والجمّال ۵ والبزنطي. ۶
ويؤيّدها صحيحة حمّاد بن عثمان الناب أو مرسلته. ۷
وظاهر الأكثر وجوب الدعاء على المخالف مطلقاً في الصلاة عليه، وهو ظاهر الأمر.
وفي الذكرى: «أنّ الدعاء على هذا القسم يعني المخالف غير واجب؛ لأنّ التكبير عليه أربع وبها يخرج عن الصلاة». ۸
ولا يخفى أنّ عدم وجوب التكبيرة الخامسة لا ينافي وجوبه؛ لإمكانه في باقي التكبيرات، وظاهر بعض الأخبار المشار إليها كونه عقيب [الاولى] . ۹
وقد حكى فيه عن الشيخ ۱۰ وابن البرّاج ۱۱ أنّهما لم يصرّحا بلعن غير الناصب في الصلاة عليه. ۱۲
وأمّا الصلاة عليه فهل هي واجبة في غير التقيّة؟ فالمشهور بين الأصحاب العدم في النواصب والخوارج والغلاة، ۱۳ بل لم أجد مخالفاً منهم إلّا ما نقله الشهيد في الذكرى عن الشيخ أنّه أوجبها على الباغي في باب قتال أهل البغي من الخلاف؛ محتجّاً بالعمومات، ۱۴
وهو غريب؛ لأنّه ينافي الحكم بكفرهم ظاهرا أيضاً.
واختلفوا في غير هؤلاء، فاشتهر بين المتأخّرين وجوبها؛ ۱۵ لإطلاق الأخبار الواردة في الصلاة عليه من غير تقييد بحال الخوف والتقيّة، وذهب جماعة منهم الشيخان في المقنعة ۱۶ والتهذيب ۱۷ وابن إدريس في السرائر ۱۸ إلى عدم جوازها.
واحتجّ عليه في التهذيب والسرائر بتظافر الأخبار على كفرهم، وتواترها والإجماع على عدم جوازها على الكافر، وهو ظاهر السيّد المرتضى، حيث حكم بكفرهم مطلقاً، ۱۹ وظاهر سلّار أيضاً، حيث اشترط في الغسل على ما حكي عنه اعتقاد الحقّ، ۲۰ ولا قائل بالفصل، فتدبّر.
قوله في حسنة حمّاد بن عثمان: (فسكت) إلخ. ۲۱ [ح 1 / 4523] لعلّ منشأ السكوت أنّه صلى الله عليه و آله كره إفشاء سرّ المنافقين، ثمّ لمّا ألحّ عمر في السؤال ولَجَّ فيه أجابه صلى الله عليه و آله على وجه الضجر بأنّ النهي إنّما وقع عن الدعاء له لا عن الدعاء عليه، وهذا هو السرّ في قول أبي عبد اللّه عليه السلام : «فابدأ من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما كان يكره»، أي من إبداء أثر الغضب في وجهه وقد كان صلى الله عليه و آله كارهاً لذلك أبدا. ويؤيّده قوله صلى الله عليه و آله : «ويلك وما يدريك ما قلت».
قوله في حسنة محمّد بن مسلم : (وذلك قاله أبو جعفر عليه السلام لامرأة سوء من بني اُميّة صلّى عليها أبي فقال هذه المقالة: واجعل الشيطان لها قريناً) . [ح 5 / 4527] قوله: «لامرأة سوء» متعلّق «بقاله»، وفاعل قال في قوله: «فقال» أبوه صلوات اللّه عليه، و «هذه» إشارة إلى قوله: «واجعل الشيطان لها قريناً»، وذلك إلى آخره جملة معترضة من المصنّف قدّس سرّه، يعني أنّه قد ورد بسندٍ آخر عن غير محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : «صلّى أبي على امرأة من بني اُميّة فقال بعد ما دعا عليها: واجعل الشيطان لها قريناً» .
1.الدروس، ج ۱، ص ۱۱۳، درس ۱۴.
2.هو الحديث ۵ من هذا الباب من الكافي . وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۷۱، ح ۳۰۴۳ .
3.الذكرى، ج ۱، ص ۴۳۷.
4.هو الحديث ۲ من هذا الباب من الكافي . تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۱۹۷، ح ۴۵۳ ؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۷۱، ح ۳۰۴۴ .
5.و هو الحديث ۳ من هذا الباب من الكافي . الفقيه، ج ۱، ص ۱۶۸، ح ۴۹۰؛ وسائل الشيعة، ج ۳، ص ۷۰، ح ۳۰۴۰.
6.هو الحديث ۶ من هذا الباب من الكافي . وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۷۰، ح ۳۰۴۱ .
7.هو الحديث ۷ من هذا الباب من الكافي . وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۷۲، ح ۳۰۴۵ .
8.الذكرى، ج ۱، ص ۴۳۹.
9.اُنظر: الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
10.المبسوط، ج ۱، ص ۱۸۵.
11.المهذّب، ج ۱، ص ۱۳۱.
12.الذكرى، ج ۱، ص ۴۰۲.
13.اُنظر: المبسوط، ج ۱، ص ۱۸۲، جامع المقاصد، ج ۱، ص ۴۰۴ ؛ كشف اللثام، ج ۲، ص ۳۰۹ ؛ مفتاح الكرامة، ج ۴، ص ۱۰۵ ۱۰۶.
14.الذكرى، ج ۱، ص ۴۰۳، الخلاف، ج ۵ ، ص ۳۴۴ ، المسألة ۱۳.
15.اُنظر: المعتبر، ج ۲، ص ۲۴۳؛ المختصر النافع، ص ۴۰، كشف الرموز، ص ۱۹۱ ۱۹۲؛ تحرير الأحكام، ج ۱، ص ۱۲۴؛ تذكرة الفقهاء، ج ۲، ص ۲۴؛ قواعد الأحكام، ج ۱، ص ۲۲۸ و ۲۲۹؛ إرشاد الأذهان، ج ۱، ص ۲۶۲؛ منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۴۷ (ط قديم)؛ تبصرة المتعلّمين ، ص ۲۸ ؛ البيان ، ص ۲۸ ؛ روض الجنان ، ج ۲، ص ۸۱۵ ؛ الرسالة الجعفريّة للمحقّق الكركي (رسائل المحقّق الكركي ، ج ۱، ص ۹۳)؛ مجمع الفائدة، ج ۲، ص ۴۲۵ ؛ ذخيرة المعاد، ج ۱، ص ۳۲۷ ؛ الدروس، ج ۱، ص ۱۱۱، درس ۱۳؛ مفتاح الكرامة، ج ۴، ص ۱۰۳ ۱۰۴.
16.المقنعة، ص ۸۵ .
17.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۳۵ ، ذيل ح ۹۸۱.
18.السرائر، ج ۱، ص ۳۵۶ .
19.رسائل المرتضى، ج ۱، ص ۴۰۰، وجه طيب الولد و خبثه.
20.المراسم، ص ۴۵.
21.و لا يخفى أنّ حمّادا رواه عن الحلبي، فالحديث للحلبي.